بعد عقد ونيف : لا مبرّر لبقاء الأملاك المصادرة على حالها..!
تعرّض رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه برئيس الحكومة كمال المدوري يوم الخميس الماضي بقصر قرطاج، إلى موضوع الاملاك المصادرة وشدّد على ضرورة وضع حد للحالة التي آلت إليها وضرورة وضع إطار قانوني جديد تعود بموجبه هذه الأملاك للدولة وإلى الشعب التونسي فهي من حقّه المشروع وفق ما جاء في بلاغ بالصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية.
ويضيف البلاغ أن عديد العقارات تم إهمالها فتقلصت قيمتها في ترتيب مفضوح للتفويت فيها بأبخس الأثمان وهو ما يجب التصدي له ومحاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم النكراء.
وكما هو معلوم، فان ملف الأملاك المصادرة يعود الى زهاء عقد ونيف حيث تم مباشرة إثر ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة، اتخاذ جملة من التدابير بهدف تركيز منظومة لمصادرة الأملاك المكتسبة دون وجه حقّ من قبل قائمة تضمّنت حينها 114 شخص شملت أساسا الرئيس السّابق زين العابدين بن على وزوجته وأصهاره وأقاربه وتعلّقت المصادرة أيضا بمن ثبت حصولهم على أملاك أو حقوق جراء علاقتهم بالأشخاص المدرجة أسماؤهم بالقائمة.
والمصادرة آلية من الآليات التي تمكّن الدولة من استرجاع الأموال والممتلكات المكتسبة بصفة غير شرعية، وهي تندرج ضمن متطلبات المحاسبة ومقاومة الفساد وفق ما نصّت عليه اتّفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها بلادنا من جهة، ومن جهة ثانية مقتضيات المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرّخ في 14 مارس 2011 والمتعلّق بمصادرة أموال وممتلكات منقولة وعقاريّة كما تمّ تنقيحه وإتمامه بالمرسوم عدد 47 لسنة 2011 المؤرّخ في 31 ماي 2011 وفيه تنصيص على إحداث لجنة المصادرة لدى الوزارة المكلفة بأملاك الدولة والشؤون العقارية.
وتتمثّل المهام الأساسية لهذه اللجنة في القيام بالإجراءات الإداريّة والقانونيّة اللاّزمة لنقل الأموال العقاريّة والمنقولة والحقوق المصادرة لفائدة الدّولة استنادا إلى قرارات المصادرة التي قارب تعدادها الألفي قرار..!
كما تمّ إحداث لجنة ثانية هي اللّجنة الوطنيّة للتصرّف في الأموال والممتلكات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدّولة لدى الوزارة المكلفة بالماليّة بمقتضى المرسوم عدد 68 لسنة 2011 المؤرّخ في 14 جويلية 2011، ودورها اتخاذ جميع الإجراءات المتعلّقة بالحقوق والالتزامات المرتبطة بالأوراق الماليّة والحصص والسّندات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع والتصرّف فيها واتخاذ جميع الإجراءات المستوجبة المتعلّقة بالعقود الجارية واتخاذ التّدابير اللاّزمة لضمان المحافظة على السير العادي للشّركات ذات المساهمات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع.
ليس ذلك فحسب، عهد إلى دائرة الائتمان والتصفية والتصرّف القضائي بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملفات الممتلكات المصادرة والإشراف على المتصرفين القضائيين والمؤتمنين العدليين المكلفين على التوالي بالتصرف في الشركات والائتمان على الأملاك.
ان التشريعات على ما يبدو والآليات متوفرة لحسم ملف الاملاك المصادرة وغلقه وإنصاف الجميع، دولة وشعبا ومواطنين، لكن الحصاد دون المأمول وخلقنا عبئا على الدولة وحمّلناها مسؤولية لم يعد المجال يتسع لتجاوزها.
ان الانطباع العام اليوم والتقييم الحاصل لواقع هذه الاملاك المصادرة وخصوصا منها الشركات بمختلف أنواعها، صناعية وتجارية وفلاحية وخدماتية وإعلامية بانها تقهقرت وأنها أصبحت وهي بيد الدولة عاجزة عن الصمود والبقاء وبعضها مهدّد بالافلاس في الوقت الذي كانت فيه في أوج العطاء والمردودية عندما كانت بيد أصحابها الموصومين بـ«الفساد» و«الإفساد»..
والأسباب التي أوصلت هذه المؤسسات المصادرة الى هذه الحالة عديدة ومتنوعة، يعود بعضها لسوء اختيار المسؤولين الذين تم تعيينهم على رأسها وها هي بعض الاسماء تخضع للملاحقات القضائية، ويعود البعض الآخر لضبابية الرؤية ان جاز القول أو غياب التصور والجرأة على تنفيذ الهدف الاصلي وهو وقف حالة الافلات من العقاب وتحقيق العدالة دون أدنى انتهاك لحقوق الجميع بما في ذلك أصحاب الاملاك المصادرة الذين فارق عدد منهم الحياة ويتواجد عدد آخر خارج حدود الوطن وبقي عدد محدود داخله في أوضاع استثنائية في حالة تشبه الى حد كبير ما حصل مع ملف ما يسمّى الأموال المنهوبة في الخارج التي اضحى استرجاعها في تقديرنا صعبا.
و يظل التدارك واردا متى اتضحت الرؤية وتم التسريع في إنجاز الاطار القانوني الجديد الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية وضبط خارطة طريق وجدول زمني لغلق الملف نهائيا وبأخف الأضرار الممكنة.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…