ارتفاع أسعار مساكن «سنيت» : أزمة أضرّت بالطبقة المتوسطة
تشهد المساكن التي تعرضها الشركة الوطنية العقارية للبلاد التونسية « سنيت» تحوّلا كبيرا في طبيعتها ودورها الاجتماعي الذي عُرفت به منذ إنشائها سنة 1957، فتحوّلت هذه المساكن التي كانت ملاذا وحلا للطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود إلى حلم بعيد المنال بالنسبة لأغلب الموظفين وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعارها وتراجع قدرتها على تلبية الطلب المتزايد.
وخلال لقائه بالرئيس المدير العام للشركة، السيد فهمي كمون استعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد التاريخ المضيء لهذه المؤسسة ودورها الاجتماعي الكبير في بناء أحياء متكاملة بأثمان رمزية كانت تراعي الظروف الاجتماعية للمواطنين. وأشار الرئيس إلى أن الأراضي التي أقيمت عليها تلك الأحياء كانت تُمنح للشركة بالمليم الرمزي وهو نموذج يُجسد الدور الاجتماعي للدولة في توفير المساكن اللائقة للشرائح ذات الدخل المتوسط والمحدود .
كما اكد رئيس الجمهورية أن الشركة اعتمدت آليات مرنة مثل التسويغ الذي يؤدي الى البيع ما مكن العديد من الأسر التونسية من امتلاك مساكن بشكل يتناسب مع إمكانياتها المادية .
أسعار لا تُطاق
رغم هذا الدور الاجتماعي المهم تواجه «سنيت» اليوم تحديات عديدة تتعلق بارتفاع أسعار المساكن التي تقدمهاحيث أصبحت تكاليفها تفوق قدرة الموظفين من الطبقة المتوسطة الذين كانوا في الماضي الشريحة الاكثر استفادة من المشاريع التي كانت تنفذها الشركة.
ويرجع الخبراء هذا التحول إلى عدة اسباب منها ارتفاع تكاليف البناء وغياب الدعم الموجه بالإضافة إلى تراجع استثمارات الدولة في المشاريع السكنية ذات الطابع الاجتماعي .
إعادة الدور الاجتماعي
في ظل هذا الواقع ، أسدى رئيس الجمهورية تعليماته بضرورة التنسيق مع الجهات المعنية لإعادة الشركة إلى دورها الأصلي المتمثل في توفير مساكن ميسورة التكلفة تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي للمواطن .
واكد الرئيس على أهمية تبني سياسات جديدة تمكّن الشركة من تجاوز الصعوبات الحالية وتلبية احتياجات الشرائح الأكثر تضررا من أزمة السكن.
ومع عودة هذا النقاش، يبرز السؤال حول كيفية تحقيق التوازن بين ضمان استدامة الشركة وتحقيق أهدافها الاجتماعية . تتطلب هذه المهمة إعادة النظر في سياسات الدعم وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص بالإضافة إلى تحسين إدارة الموارد لضمان إنتاج مساكن ذات جودة وبأسعار معقولة.
لتجاوز هذه الأزمة يستوجب الأمر وضع استراتيجية وطنية جديدة تهدف إلى دعم مشاريع البناء الاجتماعي من خلال تقديم الأراضي بأسعار رمزية كما كان في السابق وإصلاح سياسات التمويل لتسهيل شروط القروض العقارية أمام الطبقة المتوسطة مع تشجيع الاستثمار العام والخاص في مشاريع الإسكان بأسعار تناسب مختلف الشرائح فضلا عن تعزيز الرقابة على الأسعار لضمان بقاء المساكن في متناول الفئات المستهدفة .
وفي ظل تصاعد أزمة السكن، يبقى الأمل معقودا على جهود حقيقية لإعادة «سنيت» إلى موقعها كمؤسسة اجتماعية تقدم حلولا عملية تضمن حق التونسيين في السكن اللائق, فالتحدي لا يقتصر فقط على تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن بل يشمل أيضا إعادة الاعتبار لدور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية .
نقائص حادة في البنية التحتية للمؤسسات التربوية : أزمة تهدّد جودة التعليم في المدن… والأرياف أشدّ قسوة
ما تزال البنية التحتية للمؤسسات التربوية في تونس تمثل إحدى المسائل الرئيسية التي تعيق تطوي…