مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف من خلاله الدولة التونسية إلى انخراط المؤسسات العموميّة في الاستثمار في مشاريع النّجاعة الطاقيّة وتركيز أنظمة الإنتاج الذّاتي للكهرباء من الطاقة الشمسيّة الفولطا ضوئيّة وتعزيز استخدام الطاقات المتجدّدة في المؤسسات والمنشآت العمومية في إطار التحكم والتقليص من استعمال الطاقة الأوّلية وترشيد استهلاكها وتناهز كلفته 200 مليون دينار ممولة بقرض من البنك الألماني للتنمية بمساهمة من صندوق الانتقال الطاقي وبإشراف الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة التي عهد إليها تنفيذ هذا المشروع.
ويستهدف البرنامج مختلف مقرات الوزارات والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وغير الإدارية شريطة إثبات ملكيتها للمباني التي تنتفع بهذا البرنامج، حيث يتكفل البرنامج كليا بتكاليف الدراسات الفنية واللوجستية والإنجاز والمراقبة الفنية بما يضمن في ما بعد إقتصادا هاما في فاتورة استهلاك الطاقة يصل إلى حدود 80 %.
ووفق المؤشرات المتعلقة بهذا البرنامج الذي انطلق في سنة 2022، فإن النتائج التي تم تحقيقها في المرحلة النموذجية المتعلقة بالمؤسسات التربوية في إطار برنامج «الانتقال الطاقي للمؤسسات العمومية»، تعد إيجابية وتهدف إلى تشجيع القطاع العام على الاستثمار في مشاريع النجاعة الطاقية وتركيز أنظمة الإنتاج الذاتي للكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية. كما يندرج هذا البرنامج ضمن الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي، الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة في كل القطاعات، بالإضافة إلى التقليص من استهلاك الطاقة الأولية بنسبة 35 ٪ في غضون سنة 2030.
خطوة نحو الاستدامة
تسعى تونس، كجزء من التزامها بتحقيق التنمية المستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية، إلى تعزيز مشاريع الانتقال الطاقي في مختلف القطاعات. ويشمل هذا التوجه المؤسسات العمومية التي تُعتبر من أكبر المستهلكين للطاقة في البلاد ، من خلال تحسين كفاءة الطاقة، وتبني مصادر الطاقة المتجددة، وتنفيذ استراتيجيات إدارة الطاقة، بهدف التقليص من استهلاك الطاقة وخفض فاتورة الطاقة الوطنية، مع مواجهة تحديات اقتصادية وبيئية حادة. إذ تسجل المؤسسات العمومية، خاصة في قطاع النقل والصحة والتعليم، استهلاكًا مرتفعًا للطاقة ، مما يشكل عبئًا على الميزانية العامة.
استخدام الطاقات المتجددة
يتمثل الهدف في زيادة اعتماد المؤسسات على مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة حيث تعمل المؤسسات العمومية على تقليص بصمتها الكربونية، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لتونس ضمن اتفاقية باريس للمناخ وكذلك تعزيز الاستقلال الطاقي من حيث مساهمة هذه التوجهات في تقليل الاعتماد على واردات الطاقة من خلال إنتاج الطاقة محليًا باستخدام موارد متجددة.
وتشمل جهود الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية عدة مشاريع نوعية، أبرزها تركيب محطات للطاقة الشمسية في المؤسسات الصحية والتعليمية إذ تم تجهيز العديد من المستشفيات والمدارس والمعاهد الثانوية بمحطات شمسية صغيرة لتوليد الكهرباء . علاوة على التوجه إلى إضاءة الشوارع باستخدام تقنيات ذكية«led»حيث بدأت عديد البلديات في تبني تقنيات الإضاءة الذكية التي تعتمد على مصابيح موفرة للطاقة ، مما يقلل من استهلاك الكهرباء ويحسن كفاءة الإنارة العامة .
كما تعتزم الحكومة التونسية تعزيز جهودها لتجاوز بعض التحديات في هذا القطاع الحيوي، من خلال السعي إلى جذب استثمارات دولية في مجال الطاقة المتجددة ، مثل الشراكات مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية العالمية فضلا عن تطوير التشريعات وذلك بتحديث القوانين المتعلقة بالطاقة لتعزيز الشفافية وتشجيع الابتكار في القطاع العمومي وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص ويشمل ذلك عقود شراكة بين المؤسسات العمومية والشركات الخاصة المختصة في تكنولوجيا الطاقة .
يُعد الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية خطوة حيوية لتحقيق رؤية تونس نحو الاستدامة الطاقية والتنمية المستدامة ورغم التحديات ، فإن الاستثمارات في هذا المجال تحمل فرصًا كبيرة لتقليص التكاليف وتحسين جودة الخدمات العمومية والحد من التأثيرات السلبية على البيئة. كما يبقى نجاح هذه التوجهات مرتبطًا بمدى قدرة الدولة على توفير بيئة تشريعية وتمويلية محفزة سيما بالنسبة للخواص إلى جانب إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في تنفيذ الخطط المستقبلية الهادفة بالأساس إلى تحقيق نقلة نوعية في إدارة الموارد الطاقية وتخفيف العبء المالي.
تقييد قروض الاستهلاك في تونس : بين قرارات البنوك الموجعة وتذمّرات المواطنين
تعيش تونس هذه الأيام على وقع النقاش العام حول ميزانية الدولة لسنة 2025 ، ومن بين الانتظارا…