اتّساقا مع الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية : المضيّ بخطى ثابتة نحو أفق جديد
على الجميع ان يحثّ الخطى في الاتجاه الذي رسمه الشعب لبناء تاريخ جديد … هذه الجملة هي صفوة القول والرسالة الواضحة التي لا لبس فيها التي وجّهها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى كل المسؤولين و الى عموم الشعب وهو يتحدث الى رئيس الحكومة السيد كمال المدوري مؤكدا ان الإرادة هي اختصار المسافة في التاريخ في كل المجالات والقطاعات.
كما ان رئيس الدولة تطرق خلال هذا الاجتماع الذي خصص للنظر في سير العمل الحكومي في الفترة الماضية إلى عديد المسائل المهمة و أسدى تعليماته بضرورة مباشرة العمل بكل جدية فانتظارات الشعب التونسي كثيرة وهي قطعا مشروعة ومن المحمول على الجميع سواء العاملين في مختلف أجهزة الدولة أو حتى خارجها الانخراط في حرب التحرير الوطني مع التعويل التام على الذات. فتونس تزخر بالثروات ومن حق الشعب التونسي ان يستفيد منها وان يطوّرها وان يتم توزيع عائداتها على أساس العدل الاجتماعي بين جميع المواطنين.
وشدّد رئيس الجمهورية على حتمية المضيّ قدما في عملية تطهير البلاد وإزالة كل العقبات القانونية التي تقف حائلا أمام إنجاز عدد من المشاريع التي ينتظرها الشعب منذ عقود.
وهذا يتطلب إعداد مشاريع جملة من النصوص الترتيبية حتى تجد القوانين التي تم وضعها طريقها الى التطبيق وتتحقق المقاصد التي وضعت من أجلها. فتونس وفق ما أكده رئيس الدولة قيس سعيّد تشكو منذ عقود من تضخم تشريعي وكذلك تعاني أيضا من تضخم عديد المؤسسات التي ترصد لها ملايين الدنانير في حين أن أغلبها لا وجود له إلا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
ومعلوم ان هناك عديد المؤسسات التي تناسلت بشكل غريب بعيد الثورة التونسية وارتبطت بمسار الانتقال السياسي في تونس والتي كنا نظنها مهمة لخلق توازن في المشهد السياسي لكن اكتشفنا انها من قبيل الطفح الثوري الذي نبت فجأة وذلك لأهداف غنائمية صرفة فقد نشأت هذه الكيانات في اطار المحاصصات السياسية وبالتالي كانت بمثابة « لزوم تقاسم كعكة السلطة ومباهجها». ولهذا فقد انتهى دورها الآن بل لعلها تحتاج الى تمحيص قانوني يفرز الغث من السمين وهذا موضوع آخر.
ومن المهم هنا ان نتوقف عند ما اكد عليه رئيس الجمهورية في حديثه مع رئيس الحكومة كمال المدوري من ان عملية البناء لا يمكن ان تتم الا على أسس صلبة ومتينة لا على الأنقاض فالمرحلة الجديدة تتطلب «عملية إزالة تامة لكل التراكمات والرواسب التي خلفتها الفترة الماضية». وهي بالتأكيد تركة ثقيلة في كل المجالات تتطلب تضافر الجهود من أجل تطهير البلاد من تداعياتها قبل مباشرة بناء جديد.
والأكيد ان الانخراط في عملية إصلاح عميق يستوجب القيام بجرد يشمل جميع القطاعات دون استثناء حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود. وتحميل المسؤوليات لكل المفسدين ثم الانطلاق في تطبيق سياسات جديدة تقطع مع ممارسات الماضي وأساليبه وتحصين المسار برمّته بآليات تشريعية ضمانا لعدم تكرر ما حدث في العقد الأخير.
ومن الأمثلة التي تستوقفنا هنا هو الخراب الذي حصل في الميدان الرياضي والذي تطرق له رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى لقائه بوزير الشباب والرياضة السيد الصادق المورالي مؤكدا أن عددا من الهياكل الرياضية يحتاج الى مراجعة بعد ان نخره الفساد والتخريب ونتجت عنه وضعية هجينة لا هي بالاحتراف الواضح على أسس قانونية ولا هي بالهواية واضحة المعالم وهذا ما يغذّي المظاهر السلبية من قبيل السمسرة في المجال الرياضي ويؤدي بالتالي الى تراجع الأداء والمردود في هذا القطاع بشكل عام وهو ما بات واضحا للعيان منذ فترة طويلة.
وكان هذا اللقاء مناسبة أسدى خلالها رئيس الدولة تعليماته بأن تكون وزارة الشباب والرياضة ممثلة في وضع أمثلة التهيئة العمرانية لتوفير الفضاءات الرياضية في كل الأحياء. بالإضافة إلى ضرورة تطوير دور الشباب و جعلها متوفرة في كل الجهات وتجهيزها بكل المستلزمات الضرورية حتى تلعب دورا مهما في التثقيف والترفيه كما كانت مهمتها من قبل والتي نجحت فيها على امتداد عقود ولكنها تراجعت باعتبار عديد العوامل ولابد من إعادة الإشعاع اليها.
والأكيد ان ما تطرقنا اليه بشأن الرياضة ينطبق على كل المجالات التي طالها الفساد والإهمال وتكالبت عليها معاول الانتهازيين والطامعين وآن الأوان لإعادة الأمور الى نصابها والانطلاق في بناء جديد يتسق مع مقومات المرحلة وكل الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية.
تعدّدت الملفات.. والعنوان واحد..!
لا نجانب الصواب إذا قلنا إن تونس تعيش مرحلة مختلفة عن كل المراحل التي مرت بها منذ أحداث …