2024-11-20

لم يتخلف عن كل مباريات المنتخب في تصفيات كأس إفريقيا : مرياح ضحيـة التغييرات.. أم أن تراجع مستواه أثّر على الأداء العام؟

لم تكن سهرة أمس الأول مثالية بالنسبة إلى المنتخب الوطني، حيث تكررّت النتائج السلبية ضد منتخبات  كنا نعتقد أنها من بين المنتخبات «المغمورة» في القارة السمراء، ليتعرض منتخبا للهزيمة مجددا ضد المنتخب الغامبي في ملعب رادس بالذات، ولولا الفوز الأخير في جنوب إفريقيا ضد المنتخب الملغاشي لكانت تداعيات هذه الهزيمة كارثية بأتم معنى الكلمة بما أن منتخبنا أنهى تصفيات كأس إفريقيا القادمة في المركز الثاني في مجموعته، وهذا المركز قد تكون له تداعيات كبيرة مستقبلا في ما يتعلق بمستوى المنتخب الوطني قبل إجراء قرعة نهائيات «الكان»، لكن يظل التساؤل المطروح حاليا يتمحور حول حصول هذا التراجع الكبير في الأداء والنتائج، والدليل على ذلك أن منتخبنا لم يحصد سوى عشر نقاط فقط من مجموع 18 نقطة ممكنة، كما أن خط الدفاع تلقى ستة أهداف كاملة في ست مباريات، وهذا الرقم يعطي الدليل بشكل واضح على وجود خلل كبير في المنظومة الدفاعية، الأمر الذي دفع بعديد المتابعين إلى التأكيد على وجود تراجع واضح في مستوى عدة ركائز دفاعية مثل منتصر الطالبي وخاصة ياسين مرياح، بل ذهب البعض إلى درجة التأكيد على ضرورة خروج مرياح من الحسابات مستقبلا بعد أن عرف أداؤه انخفاضا واضحا سواء مع المنتخب أو الترجي..

ثماني سنوات من الحضور المنتظم

قبل عدة سنوات راهن المدرب الوطني السابق نبيل معلول على المدافع ياسين مرياح، حيث رسّمه ضمن التشكيلة الأساسية لـنسور قرطاج» لتستمر بذلك رحلة المدافع المحوري السابق للنادي الصفاقسي مع المنتخب الوطني منذ ما يزيد عن سبع سنوات، حيث سجل حضوره في تصفيات كأس العالم 2018 وكان حاضرا أيضا في مونديال روسيا.. ومنذ تلك الحقبة تداول على اللعب صلب تركيبة الدفاع عدد لا بأس به من المدافعين، غير أن مرياح ظل ثابتا في مكانه ليستمر دائما ضمن خطط المدربين الذين تعاقبوا على تدريب منتخبنا، ورغم تعرضه لإصابة حادة على مستوى الأربطة المتقاطعة إلا أن ذلك لم يحل دون ظهوره مجددا مع المنتخب الوطني ليسجل مشاركته المونديالية الثانية في النسخة الماضية التي أقيمت نهاية عام 2022 في قطر، وفي تلك البطولة اكتشف الجمهور التونسي ثنائية رائعة في وسط الدفاع بوجود كل من منتصر الطالبي وياسين مرياح، وهذا الثنائي قدّم في المجمل أداء مرضيا إلى حد كبير تجسم من خلال قبول منتخبنا هدفا واحدا في ثلاث مقابلات ضد منتخبات قوية للغاية وفي مقدمتها المنتخب الفرنسي.. بعد ذلك واصل مرياح مسيرته الدولية الموفقة بالتوازي مع نجاحه في افتكاك مكان أساسي صلب تشكيلة الترجي الرياضي.

وهذا النجاح امتد لفترة طويلة خاصة مع المدرب جلال القادري الذي استفاد من وجود مرياح والطالبي لتكون سنة 2023 عنوان التألق الدفاعي الكبير رغم تغيير حراس المرمى بعد أن عوّض البشير بن سعيد زميله أيمن دحمان، لكن مع بداية سنة 2024 تغيّرت الأمور كليا واتجهت الأوضاع نحو الأسوإ منذ المشاركة في كأس إفريقيا التي فشل خلالها المنتخب الوطني في تخطي عقبة الدور الأول، قبل أن يخوض سلسلة من المباريات من بينها مقابلتان ضمن تصفيات كأس العالم وست مقابلات في تصفيات كأس إفريقيا 2025، وكان القاسم المشترك بين هذه اللقاءات أن مرياح كان حاضرا فيها ليكون بذلك أكثر اللاعبين ثباتا في تشكيلة المنتخب لكن كان هناك فوارق كبيرة للغاية بين ما قدّمه في السابق وما قدّمه خلال هذا العام الذي شهد في نهايته تراجعا كبيرا في أداء منتخبنا وخاصة من الناحية الدفاعية.

متهم أم ضحية؟

في خضم الحديث عن ضرورة التفكير في إعادة إرساء منظومة دفاعية جديدة صلب المنتخب في ظل تراجع أداء ياسين مرياح وبدرجة أقل منتصر الطالبي، من المهم للغاية النظر إلى الأمور من كل الزوايا المختلفة لتحديد مدى تأثير هذا التراجع الواضح على مستوى الأداء الدفاعي، وفي هذا السياق من المهم التأكيد على أن سنة 2024 كانت صعبة للغاية على المنتخب الوطني الذي فقد ريادته منذ مشاركته المخيبة في «الكان» الأخير، قبل أن تطرأ عدة تغييرات شملت مستوى الإطار الفني  حيث أشرف منتصر الوحيشي لفترة قصيرة على المنتخب قبل أن يخلفه فوزي البنزرتي الذي استقال من منصبه قبل المواجهتين الأخيرتين، ليتولى قيس اليعقوبي مؤقتا مهمة الإشراف على المنتخب في آخر مقابلتين هذه السنة، كما شملت هذه التغييرات المكتب الجامعي نفسه وهذا الأمر يبدو تأثيره واضحا للغاية بما أن غياب مكتب جامعي منتخب فرض واقعا صعبا ومؤقتا لا يمكن خلاله اتخاذ القرارات الصحيحة بشكل دائم، بل إن هذا التغيير كشف وجود مشاكل مالية كبرى من شأنها أن تؤثر في الأجواء العامة صلب المنتخب الوطني، وإزاء هذه المتغيرات كان من الصعب على اللاعبين أن يكونوا في قمة جاهزيتهم ولا سيما من الناحية الذهنية والمعنوية، وهو ما ينسحب على ياسين مرياح الذي قضّى سنة صعبة وكان محل انتقادات مستمرة سواء من قبل متابعي المنتخب الوطني أو أنصار الترجي الرياضي، والسبب في ذلك أن خبرة هذا اللاعب وتجربته الكبيرة كان من المفترض أن تجعله قدوة ويكون أحد أسباب النجاح وليس الفشل، وبالتالي فإن سهام النقد التي طالته ربما تبدو في بعض الأحيان سليمة بما أن مرياح لم يكن بنفس المستوى الذي ظهر به في السابق، وبالتالي فإن فكرة التفكير في التغيير وإجراء إصلاحات عديدة على مستوى التركيبة الدفاعية قد تكون خيارا مؤكدا في المستقبل لا سيما بعد تنصيب مكتب جامعي منتخب والتعاقد مع مدرب جديد ربما تكون لديه أفكار مختلفة عن كل من سبق له تدريب المنتخب الوطني طيلة السنوات الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دحمان يظهر مع المنتخب بعد غياب : كل الظروف هيئت لعودته.. والمنافسة شبه محسومة لفائدته

من النقاط البارزة خلال المباراة الأخيرة للمنتخب الوطني ضد مضيفه الملغاشي تتمثل في تغيير ال…