أغلب قوانينها شُرّعت لخدمة العائلات المتنفذة : ضرورة تخفيف العبء الضريبي على توريد السيارات المستعملة
تعدّ سوق السيارات في تونس من أكثر القطاعات تأثراً بالإجراءات الضريبية والقانونية التي تفرضها الدولة منذ السبعينات وزادت في حدتها خلال الألفية الثانية نتيجة توجهات العائلات المحتكرة لتوريد السيارات الشعبية الجديدة في احتكار السوق وغلق الطريق أمام توريد السيارات المستعملة.
حيث تتسم هذه القوانين بكثرة الرسوم والضرائب المرتبطة بتوريد السيارات ، مثل الأداءات الديوانية، ومعاليم الاستهلاك ، وضريبة القيمة المضافة. هذه التكاليف تصل أحيانا إلى 100 % من سعر السيارة وتجعل من اقتناء سيارة جديدة أو مستعملة رفاهية بعيدة المنال بالنسبة الى شريحة كبيرة من التونسيين، مقارنة بدول مجاورة مثل المغرب ولييبا والجزائر .
ويُفرض على السيارات المستوردة إلى تونس ما يصل إلى 100 % من قيمتها في بعض الأحيان، ما يضاعف تكلفتها على المستهلك النهائي على عكس ماهومعمول به في بلدان عربية مجاورة حيث لا تتعدى التكاليف الديوانية ومختلف الاجراءات المالية نسبة الـ 20 % في أقصى الحالات مع غياب شبه كلي للشروط التي تضعها بلادنا .
تعقيد الإجراءات الإدارية
عمليات التراخيص الديوانية معقدة وتستهلك الكثير من الوقت، ما يزيد من كلفة استيراد السيارات المستعملة حيث أدى هذا العبء الضريبي إلى تنامي السوق السوداء للسيارات، ويتم استيرادها بطرق غير قانونية في بعض الحالات.
وفي هذا السياق يقول حسين هلال(تاجر سيارات مستعملة) أن تونس مازالت تحافظ على قوانين تم تشريعها قبل الثورة حيث سعى من شرّعوها الى أن يسيطروا على مختلف نيابات البيع للعلامات التجارية لدى مختلف المصنعين الأجانب ، ما ضيّق الأمر في المقابل على توريد السيارات المستعملة وجعلها حكرا على أصحاب الإقامة في بلد المهجر فحسب.
ويعرج محدثنا على أن المغرب مثلا تعتمد نظام ضرائب أقل تعقيداً، مع إعفاءات ضريبية على السيارات الكهربائية والهجينة. وتفرض رسوماً بنسبة لا تتجاوز 20 %الى 30 % على السيارات المستوردة وتشجع الحكومة المغربية على الاستثمار في قطاع تصنيع السيارات محلياً، مما يقلّل من الاعتماد على الاستيراد.
وفي المقابل في السنوات الأخيرة، خففت الجزائر بعض القيود على توريد السيارات المستعملة علاوة على أن الرسوم الجمركية في الجزائر أقل مقارنة بتونس، مع سياسات تحفيزية للمستوردين أما في ليبيا فإن الأمر لا يكاد يكون مطروحا بما أن عملية توريد السيارات من أوروبا وآسيا تتم بشكل اعتيادي دون تعقيدات تذكر.
الحلول المقترحة لتونس
مؤخرا بدأ يتشكل رأي عام في أوساط الطبقات المتوسطة والضعيفة ، ينادي بالخوض الجدي في هذه التشريعات التي وضعتها الدولة التونسية في فترات سياسية واقتصادية كانت تخضع لأهواء عائلات متنفذة وبقيت تلك القوانين مفعلة إلى اليوم، وبالتالي هناك مطالبات بمراجعة النظام الضريبي وتقليص معاليم الاستهلاك على السيارات ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة والسيارات الكهربائية مع تواصل تمتع الدولة بنسبة أداءات ضريبية محترمة على أن لا تعرقل هذا المطمح الشعبي في كسب سيارة مستعملة بمواصفات ترتقي للحد المطلوب وبالتالي تحديد سقف ضريبي معقول يشجع المواطنين على شراء السيارات بشكل قانوني .
كما أنه في سياق تشجيع التكنولوجيا الصديقة للبيئة يمكن تقديم إعفاءات ضريبية على السيارات الكهربائية والهجينة والاستثمار في البنية التحتية لمحطات شحن السيارات الكهربائية على المدى القريب فيما يتم على المستوى المتوسط تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية لإنشاء مصانع تجميع محلية وتقديم حوافز للمستهلك المحلي.
تأثير التغيير
سيؤدي تخفيف العبء الضريبي إلى زيادة إقبال المواطنين على شراء السيارات بشكل قانوني، مما يرفع من مداخيل الدولة على المدى الطويل .
وسيُساهم في تحسين حركة النقل وخفض الانبعاثات عبر تشجيع السيارات الصديقة للبيئة.
وبالتالي فإنّ إعادة النظر في قوانين توريد السيارات في تونس بات ضرورة ملحة لتحقيق التوازن بين مصالح الدولة واحتياجات المواطنين . من خلال الاستفادة من تجارب الدول المجاورة واعتماد سياسات مرنة، وتتمكن بلادنا من أن تحوّل هذا القطاع من عبء اقتصادي إلى رافد تنموي .
جدير بالذكر أنه إلى غاية شهر سبتمبر المنقضي تم توريد أكثر من 17 ألف سيارة للتونسيين المقيمين بالخارج وذلك بعد الإجراءات التحفيزية الجديدة لفائدتهم، فيما ينتظر باقي التونسيين بالداخل أن تسعى السلطات إلى الخوض في قوانين توريد السيارات وفتح الباب أمامهم للظفر بها دون انتظار ما يمارسه في حقهم وكلاء بيع السيارات الجديدة من مظاهر الغلاء الفاحش والاستغلال المادي المفرط .
إشكاليات إدارة صابة الزيتون وغلاء المشاتل : آن الأوان لمراجعة سياسات ديوان الزيت للمحافظة على مكانتنا الدولية
كثرت الانتقادات الموجهة للديوان الوطني للزيت خلال هذا الموسم وتباينت صلب الرأي العام الفلا…