التحايل على تسعيرة الدجاج في تونس: بين الابتكار التجاري والخرق القانوني يبقى المستهلك المتضرّر الأكبر..!
في ظلّ موجة ارتفاع الأسعار، أقرت السلطات التونسية مؤخرا تحديد أسعار الدجاج الكامل في محاولة لكبح الاحتكار وحماية القدرة الشرائية للمستهلك. غير أنّ هذه التسعيرة أثارت ردود فعل متباينة في صفوف بائعي اللحوم البيضاء، حيث لجأ البعض إلى أساليب مبتكرة، وأحياناً مثيرة للجدل، للتحايل على الأسعار المحددة قانونياً وهي ممارسات انتشرت لدى أصحاب المحلات التجارية الصغيرة والمساحات الكبرى بنفس الأساليب .
هي أشبه بلعبة تجارية بأبعاد قانونية حيث مع صدور التسعيرة للكيلوغرام الواحد من الدجاج 8500 مي، انتعشت تجارة بيع أجزاء الدجاج كبديل للدجاج الكامل. و يعتبر البائعون هذه الطريقة وسيلة لتجنب البيع بالسعر الرسمي، إذ يمكنهم تسعير كل جزء بشكل منفصل، بما يتيح لهم تحقيق أرباح أعلى مقارنة ببيع الدجاج كاملاً.
أحد الباعة في العاصمة يوضح : ” تقسيم الدجاج يسمح لنا بتقديم خيارات مختلفة للحرفاء ، و في الوقت نفسه نغطي ارتفاع كلفة الإنتاج. ” و المهم في ذلك ورغم نقص ترويج الدجاج الكامل نحن لا نخالف القانون… غير أن المستهلك لا يخفِي تذمره من هذه الممارسات» معتبرا أنّها تهرب صريح من التسعيرة الرسمية. حيث بات من الواضح أن “الأسعار المرتفعة للأجزاء تجعل الحريف يدفع أكثر من ثمن الدجاج الكامل، مما يُبطل مفعول التسعيرة.”
خرق أم استغلال ثغرات؟
طرحنا هذا السؤال على الخبير والمختص في الإجراءات والنزاعات التجارية محمد صالح العابدي حيث يرى أنّ بيع أجزاء الدجاج بأسعار غير محددة قد يندرج ضمن التحايل ، لكنّ إثبات ذلك يتطلب تحديد الأسعار الرسمية لكل جزء على حدة، وهو ما لا يتم تطبيقه حالياً، مشيرا إلى أنه من الضروري أن تتوجه مصالح التجارة في تونس إلى تسعير مختلف مشتقات الدواجن حتى يتسنى للحريف تجنب الوقوع في غطرسة هذه الممارسات التجارية قائلا “تقسيم الدجاج ليس جريمة بحد ذاته، لكن إذا ثبت استغلال البائعين لهذه الحيلة لرفع الأسعار بشكل غير منطقي، يمكن اعتبار ذلك انتهاكاً لقوانين المنافسة و الأسعار .”
التأثير الاقتصادي والاجتماعي
تؤثر هذه الممارسات بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين ، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. كما أنّها تسلط الضوء على ضعف الرقابة على السوق ، إذ غالباً ما يواجه المستهلك صعوبة في التبليغ أو المطالبة بحقه ، كما أنه منذ الاعلان عن تسعيرة الدجاج الكامل ، تمت ملاحظة نقصه في المحلات التجارية والمساحات الكبرى مقارنة بمراكمة أجزاء الدجاج.
من جهة أخرى ، يرى بعض البائعين أنّ التسعيرة الرسمية لا تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع كلفة النقل والتبريد والعلف للمنتجين، ما يجعل الالتزام بها أمراً شبه مستحيل .
ولمعالجة هذه الظاهرة، يقترح الحرفاء ، تحديد أسعار مرجعية للأجزاء وذلك بإصدار تسعيرة رسمية لكل جزء من الدجاج لتجنب الاستغلال التجاري والتلاعب بالقدرة الشرائية للمستهلك مع تكثيف حملات المراقبة على الأسواق لضمان الالتزام بالتسعيرات وتوعية البائعين بأهمية الالتزام بالقانون، إلى جانب حملات لشرح حقوق المستهلكين.
مرّة أخرى الرئيس يتوقف عند « التخريب الممنهج» لقطاع النقل.. نحو مقاربة جديدة لإعادة بناء منظومة منهكة..!
يواجه قطاع النقل في تونس، منذ سنوات، تحديات متزايدة ألقت بظلالها على حياة المواطن اليومية …