2024-11-16

رغم أهميتها وكبر حجمها : الأراضي الاشتراكية وصعوبة إيجاد الحلّ النهائي

ربما من الملفات القليلة التي شكّلت استعصاء حقيقيا على الحلّ، رغم المحاولات التي لم تنقطع، ملفّ الأراضي الاشتراكية، التي هي في الأصل أراضي ذات ملكية جماعية، ينتفع بعض الافراد باستغلال أجزاء منها، دون أن تكون لهم عقود ملكية او سندات تملّك، ما لم تقع تصفية هذه الاراضي رسميا ونهائيا.

ولا شك ان أقرب طريق لضبط هذه الاراضي وتسوية وضعياتها هو القانون، سواء بالمحكمة العقارية او من خلال هياكل وزارة أملاك الدولة، وكذلك السجل العقاري للبلاد التونسية الذي يمكنه في أدنى الحالات أن يرسم حدود بعض الاراضي أو يفصل في الخلافات التي تجد بين أطراف تتنازع ملكية الارض ذات الصبغة الجماعية، كما وقع مثلا في حادثة (العين السخونة) التي تنازع على ملكيتها (توازين بني خداش ومرازيق دوز) وجدّت فيها مواجهات أدت لسقوط عشرات الجرحى والمصابين، والى فقدان بعض الانفار لحياتهم نتيجة صراعات على أراضي ومراع يقع ضمنها هذا المنتزه الصحراوي الصغير الذي يُسمى العين السخونة.

بعض المصادر المسؤولة تقول ان المساحة الجملية لهذا النوع من الاراضي الإشتراكية تقارب في الأصل 3 ملايين هكتار.  وأن نصف تلك الاراضي تقريبا مراع والبقية مساحات قابلة للإسناد والتصفية على وجه الملكية الخاصة لأفراد المجموعات العائدة لها.

المصادر تقول أيضا أن”أكثر من مليون و400 ألف هكتار من هذا النوع من الأراضي تمت تصفيتها وتبقت مساحة حوالي 343 ألف هكتار كمساحة غير مصفاة وهي موضوع التصفية حاليا”.

وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية وجدي الهذيلي، وفي رده على استفسارات نواب مجلسي الشعب والجهات والأقاليم خلال الجلسة العامة المشتركة المنعقدة مساء الاربعاء بقصر باردو، قال إن” اشكاليات الأراضي الاشتراكية معضلة تعاني منها الدولة منذ الاستقلال “.

وأوضح في نفس الجلسة أن “هذه الاشكاليات ناتجة عن تعذر تنفيذ القانون عدد 69 لسنة 2016 المؤرخ في 10 اوت 2016 والمتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 28 لسنة 1964 المؤرخ في 4 جوان 1964 والخاص بضبط النظام الأساسي للأراضي الاشتراكية وأن الصعوبة تكمن في تحديد هذه الأراضي وقد تم تحويل الملف الى المحكمة العقارية والتي بدورها تفتقر الى الموارد المادية والبشرية لتسوية هذا الملف”.

فوزارة أملاك الدولة نفسها تعترف أن الملف شائك ومعقّد، رغم الحرص من أعلى المستوى السياسي على ضرورة ايجاد حل نهائي وعادل لوضعية هذه الاراضي، حتى تصبح ذات صبغة قانونية وتساهم بدورها في التنمية الاقتصادية وفي توفير مزيد من مواطن الشغل ومن تدعيم الانتاج الفلاحي والاستقرار العقاري.

ورغم تكليف “لجنة قيادة لايجاد الحلول الكفيلة بتسوية إشكاليات الأراضي الاشتراكية” الا أن الملف مازال على نفس وضعيته، نظرا للثغرات القانونية المستعصية والتي تتطلب تنقيحات خاصة في القوانين الخاصة بالمجالين العقاري والفلاحي.

وقال الوزير أن  “هناك انتهاكات تشهدها العديد من العقارات الدولية ويتم افتكاكها –من البعض – بطريقة قانونية لأنها غير مسجلة وليس للدولة أية سندات تفيد ملكيتها لها”. وهو وضع لا يمكن ان يستمر بالتأكيد، لان أملاك الدولة وعلى رأسها الاراضي الاشتراكية، أملاك تعود للمجموعة الوطنية ككل، ولا تعود لافراد ولا حتى لجماعات او مجموعات، خاصة وأن هذه المجموعات لم تعد موجودة كذواتات قانونية بعد التغير الكبير الذي طرأ على المجتمع التونسي والقوانين التونسية التي تعامل الجميع كأفراد يخضعون لنفس القوانين وليس كجماعات او مجموعات لها أحقية التملّك دونا عن غيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا يمكن التعويل على الذات دون دعم الفلاحة وزيادة الاستثمارات : مـــتـــى يـــعـــي الــتـونــســيــون أن أمــانـهــم فـي أرضهم؟

في آخر تقرير صادر عنه الاسبوع الفارط، حذّر المرصد الوطني للفلاحة من تراجع في قيمة الاستثما…