يتوقع التقرير الأخير للبنك الدولي الصادر منتصف الأسبوع الجاري بعنوان «الإنصاف والفاعلية في النظام الجبائي» نموًا بنسبة ٪1.2 لعام 2024 مفسرا التباطؤ الحالي للاقتصاد في سياق تراجع طويل الأمد في النمو على مدى العقد الماضي، مع تراجع معدلات الاستثمار والادخار. ويبين التقرير ذاته من ناحية أخرى ظهور إشارات اقتصادية إيجابية في البلاد، بما في ذلك التحسن في الميزان الخارجي وانخفاض التضخم في حين يشهد قطاع الفلاحة بعض علامات الانتعاش كما يركز التقرير على الحاجة الملحة لتعزيز وتيرة الاستثمار بهدف دعم النمو، بالإضافة إلى تشجيع المنافسة.

وفي تعليق لألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس على ما ورد في هذا التقرير قال أنه «على الرغم من التحديات المستمرة، يواصل الاقتصاد التونسي إظهار قدرته على الصمود، بالإضافة إلى بروز آفاق جديدة. ويظل البنك الدولي ملتزماً بدعم تونس في مواجهة التحديات التي أشار إليها التقرير، لا سيما لدعم النمو وتنمية القطاع الخاص».

والملاحظ أن نسبة النمو التي توقعها البنك الدولي في آخر تقرير له والمقدرة بـ1.2 بالمائة قد إنخفضت عن النسبة التي كان قد توقعها البنك في تقريره السابق الصادر في افريل الماضي والتي بلغت 2.4 بالمائة متوقعا في السياق ذاته أن تستقر نسبة النمو سنة 2025 في مستوى 2.2 بالمائة حيث يفسر هذا التقرير تراجع نسبة النمو المتوقعة في تونس للعام الحالي بتأثير الأوضاع العالمية وما تشهده من حروب وصراعات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط على الاقتصاد التونسي.

وفي تركيز التقرير الأخير للبنك الدولي حول ضرورة تعزيز وتيرة الإستثمار من أجل الترفيع في نسبة النمو تقاطع مع دعوات كل الفاعلين الإقتصاديين والخبراء في المجال حول هذه النقطة فلا مناص من العمل على تحسين مناخ الإستثمار وتوفير بيئة مشجعة على بعث المشاريع عبر تبسيط الإجراءات وتوفير التمويلات اللازمة من خلال  قروض ميسرة وبنسب فائدة ملائمة تضمن ديمومة المؤسسات الناشئة وهو ما تعمل عليه الحكومة حاليا من خلال ما أعلنت عنه من إجراءات ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 بتوفير خطوط  تمويل لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة بشروط ميسّرة وفي الواقع التشجيع على الإستثمار يحتاج كذلك إجراءات أخرى تحفيزية خاصة بالنسبة للمؤسسات التي تعيش أزمة مالية نتيجة تراكم الديون ففي ضمان إستمراريتها حفاظ على مواطن الشغل وعلى تواصل إنتاجها ومساهمتها في الديناميكية الاقتصادية .

يذكر أن التقرير الأخير للبنك الدولي كشف على  ان قطاع الطاقات المتجددة يعتبر أحد القطاعات التي تشهد تزايداً في الاستثمار والمنافسة، حيث تعمل تونس على المضي قدماً في برنامجها الطموح. ويشمل ذلك بناء 500 ميغاوات من الطاقة من خلال مشروعات الطاقة الشمسية في ولايات القيروان وسيدي بوزيد وتوزر. وتخطط الحكومة لإضافة 1700 ميغاوات أخرى بحلول عام 2026، وذلك بهدف أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة ٪17 من مزيج الكهرباء بما يوفر مليون طن من النفط المكافئ من واردات الغاز حوالي ٪30 من إجمالي واردات الغاز في عام 2023.

ووفقا للتقرير ذاته، فقد تمكنت تونس من احتواء العجز في ميزان حسابها الجاري، ويرجع الفضل في ذلك أساسًا إلى تحسن معدلات التبادل التجاري، بما في ذلك انخفاض أسعار واردات الطاقة وزيادة أسعار تصدير زيت الزيِتون وانتعاش السياحة. وتقلص العجز التجاري بنسبة ٪3.4 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالعام السابق حيث يمثل الآن ٪7.8 من إجمالي الناتج المحلي منخفضا من ٪8.8 في عام 2023. كما انخفض التضخم إلى ٪6.7 في سبتمبر 2024 مسجلا أدنى مستوى له جانفي 2022، بينما ما يزال تضخم المواد الغذائية عند ٪9.2.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بهدف إنجاح الشركات الأهلية : قريبا إطلاق منصة رقمية لتسهيل إجراءات تأسيسها و متابعة أدائها

تم إلى حد الآن إحداث 124 شركة أهلية قانونيا من بينها 21 شركة ناشطة فعليا، إضافة إلى 8 شركا…