رغم ما حققته بلادنا من نجاحات عالمية خاصة في علاقة برصد الأمراض الجديدة والمتجددة ورغم سعي بلادنا المتواصل إلى تحقيق ما ينشده القطاع الصحي بكل فروعه ومكوّناته، من تطور وتجويد للخدمات الصحية وتوفير متطلبات الصحة للجميع إلا أن هذا الهدف يصطدم بجملة من المعوقات والمشكلات المتراكمة منذ عقود من الزمن تسببت بشكل مباشر في ضعف منظومة الصحة العمومية وجودة الخدمات المسداة للمواطن خاصة في ظل غياب التجهيزات الضرورية في أغلب المستشفيات واهتراء البنية التحتية. إن لبلادنا من الكفاءات ما يجعلها تحقق القفزة النوعية في الصحة العمومية وفي كافة ربوع الوطن، وما النجاحات الطبية في كافة الاختصاصات وكفاءاتنا الطبية وشبه الطبية التي جعلت كبرى الدول المتقدمة تتنافس بشدة للظفر بخدماتها – مما تسبب مؤخرا في هجرة الآلاف من الأطباء «التوانسة» في مختلف الاختصاصات الهامة- إلا حجة دامغة ودالّة على الصيت الواسع لتونس في المجال الطبي وهو ما يسهّل عملية الإصلاح والبناء وتشييد منظومة صحيّة عمومية تستجيب لانتظارات الشعب التونسي. ولعل الوقت حان اليوم لإيقاف كل هذا النزيف والانطلاق في الإصلاح الفعلي لمنظومة الصحة العمومية ولمستشفياتنا إنطلاقا من إعادة التهيئة إلى توفير التجهيزات والطواقم الطبية المختصة وصولا الى تنفيذ برنامج إحداث وحدات صحية جديدة في علاقة بالمستشفيات بكل أصنافها خاصة في المناطق الداخلية فضلا عن استحثاث تنفيذ مشروع مدينة الأغالبة الطبية والمستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبد العزيز بالقيروان. وكما هو معلوم يندرج برنامج إصلاح القطاع الصحي عموما في إطار السعي إلى تحقيق مبدإ حق الصحة للجميع بتركيز وحدات استشفائية جديدة وتعزيزها بالتوسعة والتجهيز وتعميم حملات استقصاء الأمراض وإرساء معايير الحوكمة الرشيدة ومد خطوط استشفائية داخل الجمهورية، فضلا عن تذليل الصعوبات أمام الطلب المتزايد للخدمات الصحية العامة والدقيقة. ونعتقد أن تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال لقاء أمس الأول بقصر قرطاج، بوزير الصحة مصطفى الفرجاني، على ضرورة إعادة بناء قطاع الصحة العمومية بكل مكوناته من شأنه أن يمثل نقطة انطلاق جديدة في مسار البناء والتشييد وتحقيق متطلبات الصحة للجميع وبالجودة المطلوبة وضمان العدالة الصحية والاجتماعية. كما جاءت دعوة رئيس الدولة إلى التكثيف في توجيه عدد من الفرق الطبية إلى عديد الجهات مع إحداث مستشفيات ميدانية ووحدات صحية متعددة الاختصاصات،استجابة لنداء «التوانسة» وخاصة في المناطق الداخلية وبعد زيارات ميدانية متعددة شملت العديد من المستشفيات والمؤسسات الصحية في مختلف الجهات وقف خلالها الرئيس على مواطن الداء وكل أسباب تدهور القطاع الصحي العمومي. ونثمّن هنا التقاط رسالة رئيس الجمهورية من قبل وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، من خلال تحركه الحيني واقراره أمس الثلاثاء إحالة ملف الإخلالات الحاصلة في المستشفى الجهوي بئر علي بن خليفة، إلى القضاء، «لتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من ساهم في إهدار المال العام، وتعطيل الخدمات الصحية، وحرمان المواطنين في بئر علي بن خليفة، من عيادات طب الإختصاص، والجراحة، وطب النساء والتوليد، منذ 12 سنة». كما تعهد وزير الصحة، خلال زيارة غير معلنة أداها أمس، الثلاثاء، إلى المستشفى الجهوي بئر علي بن خليفة، «بإحداث مستشفى ميداني متعدد الإختصاصات خلال الاسابيع القادمة، تكون فيه قاعة عمليات جراحية، بما يضمن توفير الخدمات الصحية وتقريبها من الأهالي». وذلك كحل مؤقت في انتظار إحداث مستشفى من طراز عال متعدد الإختصاصات، يوفر الصحة المستدامة، والشاملة لكافة المواطنين بالمنطقة. ونعتبر هذا القرار خطوة إلى الأمام في إطار تنفيذ توصيات رئيس الجمهورية بإعادة بناء قطاع الصحة العمومية بكل مكوناته تنتظرالتعميم من خلال العمل على استكمال متابعة كافة الاخلالات واستكمال برنامج الإصلاح في المستشفيات المحلية بالمعتمديات خاصة تلك التي تم تغيير تصنيفها ومازالت تنتظر منذ سنوات استكمال التجهيزات وتوفير الطاقم الطبي وشبه الطبي وباقي المستشفيات الجهوية الأخرى التي تنتظر تحسين الخدمات الصحية صلبها وتجاوز النقائص وتحسين البنية التحتية وتهيئة كافة الظروف لتقديم خدمات صحية بالجودة المطلوبة، فكلما تم تطوير المستشفيات الجهوية، والمحلية والخطوط الأمامية، وتقريب الخدمات الصحية للمواطنين، كلما تم تخفيف الضغط على المدن الكبرى وتحقيق العدالة الصحية والإجتماعية للجميع. ونأمل انطلاقا من توفّر الإرادة السياسية الراسخة لإصلاح قطاع الصحة العمومية والارتقاء بجودة الخدمات الصحية المسداة للمواطن و بفضل تضافر الجهود أن تتمكن بلادنا من تحقيق ما ينتظره الشعب التونسي من تحسين للخدمات الصحية والبنية التحتية وتوفير أطباء الاختصاص في أغلب المستشفيات وتقريب الخدمات الصحية للمواطنين خاصة في المناطق النائية والحدودية و المناطق الداخلية التي تشكو مستشفياتها نقائص ومشاكل متعددة ومختلفة.
عن مشروع المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية بـبـن قردان: تونس منصّة وصل تجاري بين إفريقيا وأوروبا..
مثّل تأسيس شركة التصرف واستغلال المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية ببـن قردان والاع…