ضمن مقاربة شاملة : حرب ضروس على الجريمة..
تواترت الأخبار الإيجابية خلال الأيام القليلة الماضية وحققت المؤسسة الأمنية إنجازات محمودة في سياق الحرب على الجريمة بكل أنواعها وجاء ذلك بالتزامن مع لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الداخلية خالد النوري وسط الأسبوع الجاري والتأكيد على ضرورة مضاعفة الجهود للتصدي لكل أصناف الجرائم وخاصة تلك التي تقف وراءها عصابات منظمة لا تستهدف أمن المواطنين فحسب بل أمن الدولة والمجتمع وفق ما جاء في منشورات رئاسة الجمهورية.
وفي تفاصيل الأخبار المطمئنة للتونسيين، تمكّن أعوان الادارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإدارة الشرطة العدلية بالعاصمة من تفكيك شبكة خطيرة لترويج المخدرات ب من القنب الهندي ومبلغ مالي هام على ذمة البحث.
كما تمكنت إطارات وأعوان إدارة شرطة النجدة بمختلف اختصاصاتها خلال حملة أمنية الخميس الماضي في العاصمة من القبض وتقديم 90 مفتشا عنهم لفائدة وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة ومورطين في قضايا عدليةحسب ما جاء في بلاغ صادر عن الادارة العامة للأمن الوطني.
ويبدو أن هذه الحملات لا تقتصر على العاصمة وثمة جهود للضرب بقوة على أيدي مقترفي الجريمة في كافة ربوع الوطن، وهنا لم يتوان رئيس الجمهورية في دعوة المسؤولين في الجهات إلى استيعاب اللحظة التاريخية التي تعيشها تونس و«عليهم التحلي بروح وطنية عالية والإنصات إلى مشاغل المواطنين وإيجاد الحلول السريعة والناجعة لها، وعلى السلطات الجهوية والمحلية القيام بدورها في تسهيل الإجراءات وتبسيطها، خاصة بالنسبة للشباب الراغب في بعث المشاريع، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة».ويضيف الرئيس أن من واجب كلّ مسؤول داخل الدولة أن يشعر في كل آن وحين أنه في خدمة الشعب، ولا عذر لأحد في عدم السعي لتحقيق آماله وانتظاراته.
على ان ما تجدر الاشارة اليه هنا هو أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها بلادنا حملات من هذا القبيل أو حتى تصريحات ومواقف معلنة للمسؤولين، فقد سبق صراحة وأن تم طرح موضوع الحرب على الجريمة في أكثر من مناسبة وحصلت مبادرات محتشمة لم تؤسس للأسف للانتصار في هذه الحرب.
لذلك فإن الرهان كبير هذه المرة للعديد من الاسباب التي من بينها وضوح الإرادة السياسية في أعلى هرم السلطة وجاهزية المؤسسة الأمنية التي يتواصل تعافيها دون أن ننسى بطبيعة الحال تفاقم الأوضاع ووصولنا الى لحظة لم يعد أمامها مجال للتردد والسلبية لأن السلم الاجتماعي أصبح في خطر والجرائم والمجرمون بكل اصنافهم يهددون المجتمع ويزعزعون الدولة.
إن الجريمة اليوم في بلادنا بلغت ذروتها وقد كشف رئيس الجمهورية جوانب وأنواع كثيرة منها كتلك التي يقترفها تجار المخدرات والمضاربون والمتلاعبون بقوت التونسيين ومنظمي رحلات الموت في أوساط شبابنا والشباب الضيف الوافد علينا خلسة من حدود «الإخوة»، وما كان لمنسوب الجريمة أن يرتفع لو لم تكن «البيئة» مناسبة للأسف.
لقد وصلنا الى مرحلة يتعرض فيها المواطن الى «البراكاج» في وضح النهار وفي قلب العاصمة، ولا يجرؤ المواطن «الشاهد» على التدخل والنجدة ولا تجدي المحاضر في اقسام الشرطة لاسترجاع هاتف جوال أو حاسوب..!
ولم يعد المجال اليوم لتبرير الجريمة وربطها فقط بالأسباب السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الحديث عن أزمة الأخلاق او حتى عن الدولة العميقة وعن اللوبيات فيها، وثمة حتى من يذهب إلى تحميل المؤسسة الأمنية بعضا من المسؤولية، ومن يتحدث عن التشريعات وعن النظام العقابي وواقع المؤسسات السجنية وعن عطالة المصعد الاجتماعي أي قطاع التربية والتعليم وغياب المشروع الثقافي، بعبارة أخرى الجميع مسؤولون.
ومن هذا المنطلق فإن شروط الانتصار في الحرب بسيطة وواضحة: الديمومة والاستمرار والنجاعة والشمولية، هذه فقط أقوم المسالك للانتصار في الحرب الضروس على الجريمة.
إننا بحاجة للردع بقدر حاجتنا الى الوقاية والعلاج واستباق الجريمة وحماية الناشئة من الوقوع في براثن المجرمين وهذا ليس عسيرا على التونسيين.
إرادة سياسية راسخة للنهوض بها : الصحة العمومية.. أمن إنساني وقومي
تعيش بلادنا على وقع مفارقة عجيبة، انجازات غير مسبوقة في مجال الصحة واكتشافات طبية يتحدث عن…