من بين متطلبات تحسين مناخ الاستثمار والأعمال : تقليص الإجراءات الإدارية وحذف التراخيص مع التخفيض في الضغط الجبائي
لا شك أن المساعي الحالية الهادفة الى حذف 33 ترخيصا إداريا ومراجعة حوالي 167 كراس شروط تتضمن شروطا بالغة التعقيد وثبت انها مكبلة للاستثمار ومعيقة للنمو الاقتصادي سيلعب دورًا كبيرًا في تحسين مناخ الاعمال بتونس وتعزيز الاستثمار الخاص. ولطالما دعا خبراء الاقتصاد إلى ضرورة الاسراع بالمراجعات التشريعية وتقليص الاجراءات الادارية والتراخيص الكثيرة لدفع الاستثمار في البلاد،سيما وان الحصول على التراخيص غالبًا ما تكون عملية معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً ما يؤدي إلى تأخير بدء المشاريع او حتى الغائها تماما.لذلك فان تحرير السوق من قيود التراخيص يتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة فرصة أفضل للدخول والمنافسة وتعزيز الابتكار. كما يسهل نفاذ المستثمرين إلى السوق وبعث المشاريع سواء من طرف أصحاب المبادرات الخاصة او المستثمرين الاجانب فبإزالة التراخيص والاجراءات المعقدة تصبح البيئة الاستثمارية في تونس أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب ايضا الذين يفضلون الاستثمار في بيئات تكون فيها الإجراءات سريعة وواضحة وتساعد على زيادة الشفافية ومكافحة الفساد.وإجمالًا فان حذف التراخيص يعزز مناخ الأعمال عامة،ويساعد على دفع عجلة النمو الاقتصادي في تونس باعتبار أن الاستثمار احد محركاته الاساسية.وهو ما أكده أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي الذي ذكر في قراءة له بخصوص التوجّه نحو مراجعة 167 كراس شروط وإلغاء 33 ترخيصا انه توجّه محمود للدولة التونسية ويندرج في إطار برنامج متكامل لتحسين مناخ الأعمال في تونس،بعد دفعتين سابقتين شملت في مرحلة أولى حذف 25 ترخيصا وفي مرحلة ثانية حذف 27 ترخيصا، أي في المجموع 52 ترخيصا الى حد الآن في الدفعتين الأولى والثانية و33 ترخيصا جديدا في هذه الدفعة الثالثة أي الى حد الآن إن تمت هذه الدفعة الثالثة فقد تم حذف 85 ترخيصا.
وأضاف أن الغاية من هذا التوجّه المتمثّل في حذف التراخيص ومراجعة كراسات الشروط،هو تحقيق مبدإ حرية الاستثمار وتحرير السوق والتخلص من البيروقراطية المكبلة للاستثمار وتحسين مؤشر التنافسية..مضيفا أن مراجعة كراسات الشروط مهم للغاية،لأنه اتضح أن الشروط المضمّنة في كراسات الشروط الحالية صعبة ومعقدة وتعيق المستثمرين الشبان وأصحاب المبادرة الخاصّة وهي في أغلبها على مقاس بعض المستثمرين ذوي الإمكانات المادية الكبيرة.وشدد على ان كراسات الشروط الحالية كانت من الأسباب الرئيسية لتنامي حجم الاقتصاد الريعي من ناحية وعاملا مهما لدفع المستثمرين من ذوي الإمكانيات المحدودة الى التوجّه الى القطاع الموازي.وأبرز من جهة اخرى ان مراجعة 167 كراس شروط سيشمل أولا الجزء المتعلّق بالوثائق الإدارية التي يجب توفيرها من طرف المستثمر والتي ستتم عبر رقمنة هذه الخدمات في إطار الربط بين كلّ الوزارات،وثانيا الجزء المتعلّق بتسهيل الشروط الفنية للنشاط.
لكنه أكد أن هذا التوجّه يندرج في إطار برنامج الإصلاحات الكبرى الأربع أو الملفات الأربع الكبرى المطروحة على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهي إصلاح الوظيفة العمومية أو التقليص من حصة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي ونحن بصدد التقدم فيه،إلى جانب إصلاح منظومة الدعم للتخفيض من كلفة الدعم في ميزانية الدولة،كما ان إصلاح المؤسسات العمومية، ونحن كذلك بصدد التقدّم فيه لكن بمقاربة أخرى لا تتمثّل في التفويت في هذه المؤسسات للخواص بل في تحسين حوكمتها عبر مكافحة الفساد المستشري فيها اضافة الى الملفّ الأخير،وهو تحسين مناخ الاستثمار.وقال إذا كنا فعلا نتقدّم في الملفات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي وبالتالي لا نعتبرها شروطا تمسّ من السيادة الوطنية، فلماذا لا نتفاوض معه للحصول على قرض بنسبة فائدة ضعيفة لا تتجاوز 2% ونتوجه الى مؤسسات أخرى كالبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد بنسبة فائدة أعلى من 10%.
واوضح الشكندالي ان هذا التوجه نحو تحسين مناخ الأعمال،هو التوجّه الصحيح لتثبيت سياسة الاعتماد على الذات التي يريد رئيس الجمهورية المضي فيها،بما أنها تمكّن من جلب الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي وبالتالي تحسّن في معدلات النمو الاقتصادي وهو ما يؤمّن للدولة مداخيل جبائية معتبرة ودائمة.لكن تحسين مناخ الأعمال ليس معناه حذف التراخيص وإعادة النظر في كراسات الشروط فقط، هذا العامل مهم لكنه غير كاف إذ لا بد من تخفيض كلفة الاستثمار بالتخفيض في نسب الجباية ومعدلات الفائدة المديرية، والتقليص من تمويل ميزانية الدولة عبر اللجوء الى السيولة النقدية المتوفّرة لدى البنوك.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …