اليوم انطلاق ماراطون مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 : امتحان دقيق أمام نواب المجلسين
يشرع نواب الشعب بداية من اليوم الجمعة 8 نوفمبر 2024 في مناقشة مشروع ميزانية الدولة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 على أن تتم المصادقة في نهاية المداولات التي ستتواصل على مدى 11 يوما متتالية مع الحكومة الى غاية يوم 20 نوفمبر مبدئيا.
ورغم ان الموعد دوري ونعيش على وقعه كل عام وفي نفس الفترة تقريبا في دولة الاستقلال، إلّا انه يأخذ طابعا جديدا كي لا نقول استثنائيا لأول مرة بعد ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة في مستوى الشكل وفي مستوى المضامين بطبيعة الحال ويحيلنا بالتالي الى جملة من التحديات والاسئلة المشروعة التي تطرح نفسها.
في مستوى الشكل، نسجل هذا العام عودة العمل بنظام الغرفتين ولو بشكل مغاير لما كان يحصل قبل 2011 عندما كان لدينا مجلس لنواب الشعب وآخر للمستشارين، والجلسات العامة ستكون مشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم منذ اليوم الأول الذي سيكون مخصصا لتقديم مشروع الميزانية وبيان الحكومة والمرور بعد ذلك إلى الجلسات العامة المشتركة لمناقشة المهمات والمهمات الخاصة.
ان طريقة العمل الجماعي بهذا الشكل غير مسبوقة وسنختبر في قادم الأيام قدرة سكان المجلسين على التناغم والتوافق والتكامل في الادوار رغم الاختلافات التي قد تمليها خصوصيات كل مجلس على حدة الى جانب القناعات الشخصية لكل نائب وربما عودة الحديث عن نواب موالاة ونواب معارضة، والسؤال الذي سيطرح نفسه سيتعلق دون ادنى شك بعدد الأصوات التي سيقع بها تمرير المشروع برمّته.
أما التحدي الثاني الذي يمكن ان نتوقف عنده فهو متصل بالنجاح في البقاء في مربع 25 جويلية إن جاز القول وتثبيت الانخراط في مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيّد، فالحكومة في نهاية المطاف هي حكومة الرئيس، والغرفتان تتنزلان في سياق مشروعه السياسي والمنطق يقتضي ان يكون التمرير ناعما لميزانية العام 2025.
وهنا يجب الانتباه الى ان صورة البرلمانات السابقة ما تزال عالقة في الأذهان، والجوهر في مشروع الرئيس هو القطع مع هذه الصورة السلبية والارتقاء بالعمل النيابي الى أعلى المستويات وهذا تحدّ آخر من العيار الثقيل أمام نواب الشعب في البرلمان وبدرجة أكبر أمام نواب مجلس الجهات والأقاليم بحكم انها تجربتهم الأولى ومصافحتهم الأولى للتونسيين في المباشر.
ولعله من الايجابي انطلاقة العمل المشترك في مستوى اللجان في إطار الاعمال التحضيرية للجلسات العامة حيث عقدت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب جلسة مشتركة مع لجنة المالية والميزانية للمجلس الوطني للجهات والاقاليم وسط الاسبوع واستمعت الى وزيرة المالية حول الاجراءات الجبائية والمالية وكان التوافق والتناغم والتفاعل إيجابيا في مجمله بين الطرف الحكومي ونواب الشعب وهو ما يؤشر الى سلاسة في مسار المصادقة على الميزانية في قادم الايام.
بقي ان التحدي الرئيسي او ما يمكن ان نسميه الاختبار الاخير في هذا الامتحان الدقيق لنواب المجلسين أمام الشعب هو ترجمة ميزانية 2025 لعنوان المرحلة الذي اختاره رئيس الجمهورية وهو البناء والتشييد مع مواصلة الحرب على الفساد وتطهير الادارة وتحقيق ارادة الشعب.
ان الاجابة ستكون مشتركة بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية بما ان حكومة الرئيس هي التي أعدّت مشروع ميزانية الدولة للعام 2025 والمجلسان مطالبان بالمصادقة عليها.
وقد اكد رئيس الحكومة كمال المدوري في 10 اكتوبر الماضي خلال اجتماع مجلس الوزراء على أهمية مشروع قانون المالية بوصفه يمثل «ركيزة لمواصلة دعم أسس الدولة الاجتماعية وإطارا لحفز الاستثمار العمومي والخاص وتوفير متطلبات الاقلاع الاقتصادي طبقا للتوجهات والخيارات المرسومة من قبل سيادة رئيس الجمهورية».
وحسب رئيس الحكومة دائما فان هذا المشروع يعتمد على منوال تنمية مجدد يستمد أسسه ومضامينه من دستور الجمهورية التونسية ويكرس البعد الاقليمي للتنمية وأسس الدولة الاجتماعية إضافة الى استناده على رؤية وأهداف واضحة وطموحة وتشخيص دقيق وموضوعي لمكامن القوة والضعف في السياسات العمومية والخيارات الاقتصادية للمواطنين وانتظاراتهم وفق تعبيره.
ان هذه المقدمات وهذا الإطراء لمشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 يبعث على التفاؤل وفيه رسالة طمأنة قوية للتونسيين بأن القادم أفضل وانهم سيلامسون بشائر البناء والتشييد مع مطلع العام الجديد.
الانتخابات الأمريكية، تعنينا.. ولا تعنينا !
يتطلّع العالم باهتمام كبير لتاريخ الخامس من نوفمبر 2024 لمعرفة الرئيس القادم للولايات المت…