عن البون الشاسع بين القرارات وتنفيذها : الحاجة الملحّة الى الإنجاز والنجاعة
لعله من البداهة القول بأن الإرادة السياسية هي المحرك الأساسي لكل انجاز في أي بلد والأكيد ان المنجز الحضاري والاقتصادي والثقافي كان في البدء إرادة قبل ان يتلقفها الفاعلون في كل المجالات ليصنع تميزهم.
لكن ما الذي يحدث عندما تتوفر الإرادة السياسية ويصدر القرار ثم لا يجد طريقه الى التنفيذ ؟
الإجابة قاطعة وحاسمة. أكيد تحدث عطالة على أرض الواقع ولا تتغير أحوال الناس نحو الأفضل وتتعالى أصوات المتذمرين وتكثر الشكوى من غياب المنجز الحقيقي وتظل الأوضاع تراوح مكانها بل وتسوء في أغلب الأحوال.
ننطلق من هذه المقولة البديلة لنبحث معا عن الحلقة المفقودة في المشهد التونسي اليوم حيث نتابع بشكل يومي الزيارات الميدانية التي يقوم بها رئيس الجمهورية الى عديد النقاط التي تفوح منها روائح الفساد أو التقصير والتراخي وتتبع هذه الزيارات بقرارات عاجلة يطلقها رئيس الجمهورية وتأتي غالبا هذه الدينامية الميدانية بالتزامن مع اجتماعات مارطوانية في قصر قرطاج لرئيس الدولة مع الوزراء كل في مجال تخصصه وفيها دعوات وتوكيد وتشديد على ضرورة المتابعة على ارض الواقع. لكن كل هذا الجهد الكبير المبذول من أجل تغيير أحوال الناس لا يتسق بالضرورة مع النتائج التي نلمسها على ارض الواقع.
فالمفروض ان يلمس المواطنون تحسنا ملحوظا في معيشهم اليومي يتسق مع المجهود المبذول من أعلى هرم السلطة الذي يراهن على الدولة الاجتماعية الراعية التي توفر الخدمات لشعبها وتسهّل له جميع المرافق.
هنا علينا أن نقرّ بالتقصير الحاصل في بعض مفاصل الدولة ومن قبل بعض المسؤولين الذين ما يزالون أسرى المرحلة التي تلت أحداث 14 جانفي 2011 وما رافقها من ارتباك وتراخ وتفص من المسؤولية إذ تحولت المناصب وقتها الى مكانة اجتماعية تشريفية وامتيازات مالية لا غير.
لكن اليوم ومع تغير المشهد السياسي ومع بداية مرحلة جديدة عنوانها الأبرز البناء والتشييد على الجميع ان يدرك ان أوان التراخي قد ولّى وان شعار لا عودة الى الوراء يعني قطيعة فعلية مع كل الممارسات السابقة، تلك التي أدت الى عطالة دفع الشعب التونسي ثمنها من قوته ومقدرته الشرائية وكان لها الأثر السلبي الكبير على المرافق العمومية التي عانت تدهورا كبيرا.
نقول هذا وفي أذهاننا بعض التجارب النموذجية التي تابعناها مؤخرا من قبيل ما قامت به الهندسة العسكرية في مسبح البلفدير من تطوير وتحسين بمنتهى السرعة والنجاعة وكذلك شأن ساحة باستور. وعلى طرفي نقيض من ذلك نقف أيضا عند تجارب تدعو إلى الحيرة وتثير التساؤل على غرار مشروع ملعب المنزه الذي ما يزال يراوح مكانه وكذلك مشاريع عديدة مثل تبرورة في صفاقس. ولعل هذا ما حدا برئيس الجمهورية الى تكليف الهندسة العسكرية مرة أخرى بالإشراف على تهيئة فسقية الاغالبة بالقيروان.
والحقيقة ان المؤسسة العسكرية في بلادنا محل اجماع وثقة من قبل كل المواطنين حيث تقوم على الجدية والانضباط والتفاني في العمل ذاك العمل الذي يتم بصمت وبعيدا عن دائرة الضوء وتكون نتائجه متناهية الدقة وفي أسرع الآجال.
ولعله آن الأوان لتنسج باقي المؤسسات والهياكل وحتى الوزارات على منوال المؤسسة العسكرية في أدائها وجديتها ونجاعتها فبلادنا في حاجة اليوم الى جهودنا متضافرة والى اعلاء قيمة العمل وتحمل المسؤولية من أجل الوصول بها الى بر الأمان وتجاوز كل أخطاء الماضي والسعي الى التخفيف من حدة التداعيات التي حصلت بسبب سوء الحوكمة والإدارة السيئة في بعض المرافق.
العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟
سقط نظام بشار الأسد في سوريا وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…