في مكتبة «الصحافة اليوم»: كتاب tunisiables نبش في أحوال التونسي وتقلباته لشكري الباصومي : حياتنا فقيرة قيميّا وحضاريّا وثقافيّا
في الصفحة 11 من كتابه “ tunisiables نبش في أحوال التونسي وتقلّباته” الصادر حديثا عن دار وشمة للنشر الورقي والالكتروني” يكتب شكري الباصومي التالي: “ لماذا أجّلت تونس جميع مواعيدها، مع السعادة؟ حين كان نيرودا ممدّدا على فراش المرض سأله ساعي بريده ماريو خمينيث عمّا يشعر.. أجاب ببساطة وعمق: “ اشعر بأنّني أحتضر وباستثناء ذلك، ليس هناك ما هو خطير”.. هل نحن قابلون للتونسة؟ بمعنى أن نؤمن بالتجاوز، وأنّ ما عشناه يمكن أن نبني عليه من أجل تونس محلوم بها؟”.
يبدو أن هاذين السؤالين : سؤال السعادة المؤجلة وسؤال التونسة والتجاوز، هو ما يشكّل طموح هذا الكتاب الذي يصفه كاتبه على أنّه “ متقلّب كتقلّب مزاج التونسي ومتشعّب بمعنى تداخل محاوره..”( ص 17)، ويضيف قائلا في نفس الصفحة : “ هذا كتابي ومزاجي، أنا منفلت فيه وفي حلّ من كلّ الضوابط. كان هاجسي الكبير بعد السؤال الكبير: من أنت يا ابن الخضراء؟ ليبزغ السؤال الأكبر: لماذا تتدهّور أحوالنا؟ ولماذا لم ننهض؟ بل لماذا نحن بصدد التراجع ؟ لماذا عجزنا عن تحصين أنفسنا؟ هل شخّصنا أمراضنا ؟..”.
لا يتوسّل الكتاب أسلوبا واحدا ونبرة واحدة. نجد فيه “ الحكاية والخبر والتحليل والنكتة وبعض المداخل اللغوية والأشكال الصحفية. هو هزل يشبه الجدّ وجدّ “ “مكهب “ع الهزل” ( ص 15).
بالإضافة إلى مقدّمة نور الدين الخبثاني، ومقدّمة الكاتب، تتوزّع صفحات الكتاب (323) على أربعة فصول: “ أحنا التوانسة”، بحثا عن سعادة لا تأتي”، “ بلاد رهدستان”،” جمهورية الفسفس والخروج عن السكّة”.
ثمّة خفّة محتملة في الكتاب، فخلف ما قد يبدو “ ظرافة” و” تسلية” يصطدم القارئ بمعلومة أو تحليل خصوصا وأنّ الكاتب يستشهد بآراء وتحاليل لمثقفين وكتّاب آخرين وسياسيين وفنّانين وبدراسات، فيما يشبه عتبات للقول وللإجابة على ما طرحه من أسئلة.
من ذلك ما يقوله محمد الصياح في حواره مع المولدي الأحمر( كتاب “ محمد الصياح الفاعل والشاهد”) : “ التونسي فيسع ما يشعل ويتعارك و يشمت ويهدم، التونسيون يختلفون بسرعة وطالما استمرّت هذه النفسيّة فإنّه لا يمكن بناء دولة من نمط جديد تكون فيها السيادة للشعب. الأنانية متفشيّة في الشعب التونسي، والقادرون على التخلّص من ذلك، يُعدّون على رؤوس الأصابع، ويكادون أن يكونوا ملائكة..”( ص 97).
من ذلك ما يقوله الشابي: “ إنّ التونسيين الآن ذوو نظريات فسيحة واسعة، ولكنّهم يدورون في منطقة ضيّقة من الأعمال لا تكاد تنتج شيئا. حدّث من شئت من الشباب التونسي فلا تجد إلا حماسا أو عزما وأفكارا ومشاريع، ولكن ثق، أنّك حين تدعوه للعمل فلا تجد إلا عزائم خائبة، وشبابا هرما يغطّ في سباب الأحلام اللذيذة” ( ص 259).
من ذلك ما يقوله بيرم التونسي: “ لخّص بيرم التونسي أخلاق التونسيين في مقال نشره في جريدة الزمان بتاريخ 16 أكتوبر1933 جاء فيه بالخصوص: “ ليس هنا في تونس شخص إلا ويعتقد أنّه مظلوم بالإقامة في أمّة حقيرة، إذن من هو العظيم، من هو المخلص، من هو الكامل؟ كلّهم لا شكّ حقير بشهادة الآخرين من بني جلدته، وعلى هذا المستوى تستوي الكثرة والقلّة والفقر والغنى، فلو كانت الأمة التونسية ألف مليون نسمة تمشي على مناجم الذهب وهي على هذه الأخلاق لما كانت أسعد حالا ممّا هي عليه” ( ص 254).
من ذلك ما يقوله توفيق الجبالي في كتاب “ توفيق الجبالي سيرة تمرّد وإبداع وصدف” لكريم السمعلي: “ أنا سعيد بما أنا فيه، ولا يقلقني العمر الذي عشته للمسرح، لا يقلقني ذلك بتاتا. ما يقلقني أنّي كنت أستطيع أن تكون لي حياة أخرى في بلد آخر، استراليا مثلا، لكنّ ورقة اليانصيب وضعتني هنا، ويجب قبول ذلك وتحمّله.
لو كنت كاتبا مسرحيّا ألمانيا لكانت حياتي أحسن. نحن نعيش في مجتمع “ متضايق” منغلق متأزم، فحياتنا فقيرة قيميّا وحضاريّا وثقافيّا وأخلاقيّا، فلا يمكن أن تعوّل كثيرا على هذا الفقر للإبداع:” خنْفسْ دنْفس تبات متعشّي”، وهو ما تفعله الأغلبيّة. أمّا التجاوز فيلزمه وعي وذكاء وفطنة ومسؤوليّة، وهذه العوامل يمكن أن تُنفّذ جماعيّا” ( ص 158).
وبانتظار ذلك، علينا أن ننبش نبشا عميقا في أحوالنا وأيّامنا وأعمالنا.
ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، الفلم المغربي « المرجا الزرقا» لداوود أولاد السيد: يوسف، الأعمى الجميل الذي رأى كلّ شيء
ما الذي يمكن إضافته إلى كلّ الروايات والأفلام التيّ تحدّثت عن صبيّ أعمى يجد نفسه في شباك …