2024-11-02

احتفال بلد المليون شهيد بذكرى ثورته المجيدة : تونس والجزائر …القدر المحتوم

لا نحتاج الى المناسبات الكبرى لنعلن في كل مرة عن العلاقات العميقة بين تونس والجزائر ولا ننتظر أحداثا بعينها لنعبّر عن وحدتنا وتضامننا وعن عمق روابطنا. ولكن لا ضير في ان نحي المحطات التاريخية المهمة معا وهو الحال هذه الأيام عندما لبّى رئيس الجمهورية قيس سعيد دعوة أخيه  السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة   للمشاركة في الاحتفال بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة الجزائرية المجيدة ثورة التحرير التي اندلعت يوم غرة نوفمبر عام 1954 والتي وضعت حدا لـ 132 عام من الاستعمار الفرنسي البغيض بعد سقوط ما يزيد عن المليون شهيد و  لتقدم  بذلك  درسا للعالم في معاني التضحية والفداء وقيم التحرر والانعتاق من رقبة المستعمر.

والحقيقة ان مشيئة التاريخ والجغرافيا كتبت لكل من البلدين تاريخا مشتركا ومصيرا متقاطعا تجلى في كل المحطات التاريخية ماضيا وحاضرا كما أن إرادة الشعبين قاومت كل اشكال الاستعمار وتطلعت دوما الى الحرية متضامنة بشكل آلي وطوعي.

فقد كانت تونس الخلفية التي حمت الثوار الجزائريين وهم يخوضون حرب عصابات شرسة ضد الجيش الفرنسي بكل عتاده وامتزجت الدماء التونسية الجزائرية في ساقية سيدي يوسف.

كما ان التقاطعات بين البلدين تتجاوز السياسي والتاريخي لتشمل الاجتماعي فالروابط كبيرة خاصة في المناطق الحدودية الغربية حيث تتجلى علاقات القرابة الدموية والمصاهرة والتماهي المطلق بين المواطنين على مستوى العادات والتقاليد وطقوس المعيش اليومي التي تتشابه تماما.

والعلاقات بين البلدين ليست وليدة الفترة الاستعمارية بل هي ضاربة في أعماق التاريخ وتجسدت على سبيل الذكر لا الحصر مع الدولة الموحّدية التي شكلت ذروة الوحدة بين البلدين وبين شعوب المنطقة المغاربية ككل.

هنا لقائل أن يقول ما جدوى التذكير بالتاريخ ونحن نعلم كل تفاصيله وما أهمية استحضار كل وشائج القربى بيننا وهنا نجيب بأننا أولا لنحتفي معهم بمناسبة كبيرة ومهمة وثانيا  لنتقاسم هذه اللحظة التاريخية معا، لحظة مكتظة بالمعاني والرموز التي يمكن الاستلهام منها لمجابهة تحديات الحاضر ورهاناته.

فبقدر ما كان التعاون كبيرا في الماضي وبقدر ما تبدو حالة الوئام والانسجام سائدة حاليا على المستوى الرسمي وحتى الشعبي بين البلدين بقدر ما تزال افاق التعاون البيني في المجال الاقتصادي بالتحديد  عادية أي انها لا تتسق مع تاريخية العلاقة القائمة بين تونس والجزائر ولا تضاهي التنسيق السياسي والأمني كذلك.

إذن من خلال هذه المناسبة نتوقف عند الإمكانات الهائلة المتاحة للتعاون التونسي الجزائري. بل لعل الشراكة الاقتصادية الوطيدة بين البلدين هي الحل الأمثل لكل الإشكاليات القائمة سواء في تونس أو الجزائر.

ولعله آن الأوان لاستحثاث سبل التعاون بل وابتكار طرق جديدة من أجل تطوير أشكال التعاون نحو مزيد من النجاعة والفعالية.

وهنا يأتي دور الديبلوماسية الاقتصادية  التي تحتاج الى مزيد التحفيز فإذا كانت هناك سلاسة ومرونة في تنسيق المواقف في الشأن الديبلوماسي سواء تعلق الأمر بالقضايا الإقليمية والدولية الى جانب عمق الروابط رسميا وشعبيا بين البلدين فإن هذا يقتضى حراكا اقتصاديا مهمّا يرقى الى الشراكة المتميزة.

والأكيد ان بلادنا الحريصة كل الحرص على الانطلاق في مرحلة جديدة عنوانها الأبرز البناء والتشييد تسعى جاهدة الى التأسيس على المكتسبات التي راكمتها الدولة الوطنية مع تطوير أدوات وأساليب جديدة من أجل مجابهة التحديات المطروحة في الراهن سواء على المستوى الداخلي او على مستوى العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمتهم الشقيقة والجارة الجزائر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن البون الشاسع بين القرارات وتنفيذها : الحاجة الملحّة الى الإنجاز والنجاعة

لعله من البداهة القول بأن الإرادة السياسية هي المحرك الأساسي  لكل انجاز في أي بلد والأكيد …