سدّ الشغورات في المؤسسات التربوية : حجر الأساس وخطوة مهمة نحو الإصلاح التربوي
لا شك أن تصريح وزير التربية نور الدين النوري خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأشغال مجلس الجهات والاقاليم حول ملف الشغورات في المؤسسات التربوية مطمئن إلى حد ما في الوقت الذي تعرف فيه عديد المؤسسات التعليمية في البلاد نقصا قدّر بالآلاف وتأكيد الوزير على أن الوزارة سارعت بشكل مبكر هذه السنة إلى سد الشغورات ما يمكن اعتبارها خطوة إيجابية لكن لا يمكن وصف الوضع بالمثالي وفق تقدير وزير التربية.
وقال الوزير «نعتذر من كل تلميذ لم يحقق تمدرسا منتظما»، مشددا على أن الوزارة ستسعى السنة المقبلة الى سد كافة الشغورات المسجلة في المؤسسات التربوية.
وأبرز الوزير أنه بخصوص وضعيات التشغيل الهش قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد القطع النهائي مع كل أشكال التشغيل الهش مؤكدا أن الأوامر الترتيبية لتفعيل ذلك ستنشر في أقرب الآجال.
يشار إلى أن الحاجيات الإضافية من المدرسين الواجب تغطيتها مع منطلق السنة الدراسية الجديدة 2024 – 2025 قدّرت وفق وزارة التربية بحوالي 10 آلاف و700 مدرس موزعين على مختلف المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، سيتم تغطيتها من بين خريجي علوم التربية وتسوية وضعية النواب بالانتداب فضلا عن بعض النيابات المستمرة.
حيث صرح مدير عام الموارد البشرية بوزارة التربية مع انطلاق السنة الدراسية الجديدة بأن الحاجيات من المدرسين تقدّر بنحو 3406 مدرس بالنسبة للمرحلة الابتدائية، فيما تحتاج المرحلتان الإعدادية والثانوية إلى 7292 مدرس لسدّ الشغورات المتأتية أساسا من الإحالة على التقاعد والإلحاق والتعاون الدولي.
ولفت إلى أن شغورات التعليم الابتدائي تم سدّها بمعدّل 2598 مدرس من خريجي علوم التربية، فيما سيتم سد الشغورات الباقية من خلال تسوية وضعية أساتذة التعليم الابتدائي النواب المدرجين ضمن قاعدة بيانات النواب، بمقتضى قرار التسوية الشاملة لوضعية النواب على دفعات والتي ستصدر النصوص الترتيبية الخاصة بها قريبا، لافتا إلى أن أعداد خريجي علوم التربية قادرة على سد شغور المرحلة الابتدائية بنسبة 95 بالمائة.
من جانبه اعتبر رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ«الصحافة اليوم» خطاب وزير التربية الأخير مطمئنا لكنه لا يعكس الواقع، حيث أكد أن المنظومة التربوية تشكو العديد من المشاكل ولعل أبرزها تلك المتعلقة بالنقص الفادح في الإطار التربوي الذي يعدّ بالآلاف في مختلف الاختصاصات.
وأضاف الزهروني بأن هذه المعضلة التي وعدت سلطة الإشراف بحلها ما تزال متواصلة وضحيتها الأولى والأخيرة هو التلميذ.
وأوضح محدثنا بأن النقص في الإطار التربوي يعود إلى سوء التصرف في الموارد البشرية وهو من الأسباب الرئيسية لانهيار المنظومة التربوية مبينا في الآن ذاته أن المدرس النائب لا يمكنه تقديم المردودية الضرورية لعدة اعتبارات من بينها خاصة الجانب المادي والمعنوي باعتبار أن أغلبية النواب يقع تعيينهم بالمناطق النائية والوعرة مما يجعلهم عرضة لعدة صعوبات يومية في التنقل وقلة الحيلة بسبب قلة الإمكانيات وكلها عوامل تؤدي مباشرة إلى التأثير على المردودية ، وأشار إلى دعوة رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة إلى القطع التام مع كل أشكال التشغيل الهش.
وأبرز رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ أنه من غير المعقول اليوم أن تتواصل هذه المعضلة ومن الضروري العمل على إيجاد حلول لسد الشغورات في العديد من المؤسسات التربوية لتفادي التأثير المباشر على التلاميذ مشيرا الى أن الاكتظاظ بالأقسام والذي يصل إلى 40 تلميذا بالقسم الواحد من الآليات المعتمدة لتفادي النقص في الإطار التربوي وهي غير ناجعة باعتبار أن الاكتظاظ في الأقسام لا يمكن كلا الطرفين المربي من التدريس في أريحية والتلميذ من تلقي المعلومة في كنف الراحة.
وبين الزهروني أن المشاكل المطروحة لا تحتمل التأجيل فالعديد من المؤسسات التربوية إلى حد اليوم تشكو من نقص الإطار التربوي والاكتظاظ في الأقسام وعدم توفر الماء الصالح للشراب، وبنية تحتية كارثية …
ويؤكد محدثنا أن النقص في الإطار التربوي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص وتكون ضريبته باهظة على التلاميذ باعتبار ما سيترتب عن عدم تلقي المعارف في بعض المواد من ضعف في التحصيل العلمي وتأثير على مستقبل التلميذ في السنوات المتتالية وهو ما سيدفع بالأولياء إلى تقديم المزيد من التضحيات لتدارك هذا الخلل بالتوجه إما إلى دروس الدعم والتدارك – الدروس الخصوصية – أو التوجه إلى المؤسسات التربوية الخاصة لضمان مناخ دراسة ملائم لمنظوريهم ولتفادي أي نوع من الإشكاليات المطروحة بما في ذلك النقص الفادح للإطار التربوي وبطبيعة الحال ستكون الفرصة متاحة في الخيار الثاني فقط للعائلات الميسورة والقادرة على مجابهة مصاريف التعليم الخاص فيما يضطر محدودو الدخل في غالب الأحيان إلى الانقطاع المبكر عن التعليم.
لا يمكن لأحد أن ينكر تراجع المنظومة التربوية فوضع البنية التحتية للمدارس والمعاهد باعتراف سلطة الإشراف والدولة كارثي لعدد هام من المؤسسات التربوية، إضافة إلى عدم التمكن من سد الشغور على مستوى الإطار التربوي والأعوان والذي تعاني منه كافة المندوبيات الجهوية للتربية تقريبا، والذي يقدر بالآلاف ولعل النقص في الإطار التربوي من المدخلات الهامّة التي ينبغي أن يرتكز عليها الإصلاح المرتقب، والتي تمثل أحد الأسباب المباشرة لانهيار المنظومة التربوية.
«النساء البرباشة» في تونس الكبرى : واقع مرير وأوضاع هشّة
في إطار الاحتفال باليوم الدولي لحقوق الإنسان قدمت دراسة حديثة نتائج تحقيق أنجزه الاتحاد ال…