اللحوم الحمراء خارج متناول التونسي : لحم الدجاج هو البديل في ظل الارتفاع المستمر للأسعار
مع الارتفاع المستمر في أسعار اللحوم الحمراء في تونس، أصبح المواطن التونسي مضطرا للبحث عن بدائل اقل سعرا للتمكن من تلبية حاجياته الغذائية لذلك أصبحت لحوم الدجاج الخيار الأكثر رواجا، بل وأحيانا الخيار الوحيد أمام شريحة واسعة من المجتمع، وذلك بسبب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بشكل لم يعد في متناول الطبقات المتوسطة والضعيفة.
وفي محاولة لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، أعلنت وزارة التجارة عن قرارها بتحديد السعر الأقصى لبيع الدجاج الحي عند 5300 مليم للكيلوغرام بدءا من يوم أمس. ويأتي هذا القرار في إطار مكافحة الارتفاع الجنوني للأسعار، وحرصا على دعم القدرة الشرائية للمواطنين، كما دعت الوزارة جميع المتدخلين في هذا القطاع إلى الالتزام بتأمين تزويد السوق بالكميات الكافية، وضمان توزيع منتظم لهذه المنتجات عبر المسالك القانونية المنظمة.
ويتجلى اهتمام وزارة التجارة بضرورة ضبط أسعار لحوم الدجاج ضمن إطار أوسع يهدف إلى دعم الطبقة المتوسطة وتخفيف العبء عن العائلات ذات الدخل المحدود. إذ أن أسعار اللحوم الحمراء وخاصة لحم الضأن والبقر، شهدت ارتفاعات قياسية في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت قدرة المواطن العادي، ما جعل العديد منهم يلجؤون إلى لحم الدجاج كبديل رئيسي للحوم.
وياتي هذا القرار في سياق تفعيل صلاحيات وزارة التجارة، التي أشار إليها رئيس الجمهورية في لقائه الأخير بوزير التجارة سمير عبيد، مؤكدا أن القانون يخول للوزارة التدخل لتحديد الأسعار، كما يتيح اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد أي تجاوزات في الأسعار.
وتشير الأوضاع الاقتصادية في تونس إلى وجود جملة من الأسباب التي ساهمت في هذا الارتفاع المستمر لأسعار اللحوم. أولها الارتفاع في أسعار العلف على المستوى العالمي مما أثر بشكل مباشر على تكاليف تربية الماشية وإنتاج اللحوم. كما يعاني قطاع تربية الماشية في تونس من نقص الدعم ، حيث يواجه المربّون تحديات كبيرة تتعلق بتكلفة الإنتاج، مما أدى إلى انخفاض كميات الإنتاج مقابل الترفيع في الأسعار.
كما تسببت الأزمات الاقتصادية والتضخم في تراجع قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية ، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين ورفع تكاليف استيراد المنتجات الأساسية المستغلة في قطاع تربية المواشي.
ومع تزايد أسعار اللحوم الحمراء، لجأ المواطن بشكل متزايد إلى لحوم الدجاج كخيار بديل يلبي احتياجاتهم الغذائية بأقل تكلفة. ويعود تفضيل الدجاج لكونه أقل تكلفة نسبيا لكن حتى لحوم الدجاج بدأت هي الأخرى تشهد ارتفاعات متتالية، ما دفع وزارة التجارة إلى التدخل لتحديد سعره للحد من الزيادات غير المبررة عند البيع بالتفصيل .
وشددت وزارة التجارة على ضرورة احترام السلسلة القانونية لمسالك التوزيع، من اجل ضمان توفير الدجاج للمواطنين بالسعر المحدد.
وفي ظل الوضع الحالي، يتطلب الأمر تكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع لضمان الأمن الغذائي وتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن التونسي. وعلى الدولة أن تستمر في تفعيل آليات ضبط الأسعار وتطبيق القوانين بشكل صارم للحد من المضاربات، كما يجب عليها تحسين ظروف تربية الماشية ودعم صغار المربين لتشجيعهم على الإنتاج وتوفير اللحوم بأسعار معقولة.
وفي ظل الارتفاعات المتواصلة في أسعار اللحوم، يبقى المواطن التونسي في مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع. وبينما تحاول وزارة التجارة تحديد أسعار الدجاج لتخفيف العبء عن المواطنين، تبقى الحاجة ماسة إلى حلول أعمق وأشمل لدعم القطاعات الإنتاجية، وضمان وصول اللحوم بمختلف أنواعها إلى موائد التونسيين بأسعار تتناسب مع قدرتهم الشرائية.
نقائص حادة في البنية التحتية للمؤسسات التربوية : أزمة تهدّد جودة التعليم في المدن… والأرياف أشدّ قسوة
ما تزال البنية التحتية للمؤسسات التربوية في تونس تمثل إحدى المسائل الرئيسية التي تعيق تطوي…