2024-10-30

مع تواصل الخوض في ميزانية 2025: و يستمرّ النقاش من أجل المحافظة على المكتسبات  الاجتماعية..

لعبت الدولة التونسية تاريخيًا دورًا اجتماعيًا هامًا، وخاصة في مجالات مثل الصحة، التعليم، الرعاية الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي . بيد أن هذا الدور بدأ يتأثر نتيجة للتحديات الاقتصادية الكبيرة، والضغوط الدولية، وأجندات الإصلاح الهيكلي.

في هذا السياق، يعكس النقاش حول ضرورة مواصلة الدور الاجتماعي للدولة محورًا حاسمًا لاستقرار تونس ومستقبلها وهو ما يتطلبه مشروع ميزانية سنة 2025.

بعد الاستقلال، اعتمدت الدولة التونسية سياسات اجتماعية تهدف إلى تقليص الفوارق وتحسين مستوى المعيشة. وقد قدمت الدولة خدمات مجانية أو بأسعار منخفضة في مجالات مثل التعليم والصحة، مما أدى إلى تحسن ملموس في هذه المجالات وكانت هذه السياسات رمزًا للتضامن الاجتماعي، وأسهمت في بناء طبقة متوسطة قوية و عززت الاستقرار الاجتماعي.

التحديات الاقتصادية وضغوط الإصلاح الهيكلي

مع مرور السنوات أصبحت البلاد تعاني من أزمة اقتصادية متفاقمة، تشمل ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وانخفاض قيمة الدينار، وزيادة حجم الدين العام. وتدفع المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، نحو تقليص النفقات العمومية وتوجيه السياسات نحو إصلاحات اقتصادية تتضمن تخفيض الإنفاق الحكومي، مما يهدد الدور الاجتماعي للدولة ويثير جدلاً واسعًا بين مؤيدي الإصلاحات و معارضيها.

كما تواجه تونس خطر تعميق الفجوات الاجتماعية إذا قررت تقليص الدور الاجتماعي للدولة. فقد يؤدي ذلك إلى تراجع الخدمات الصحية، وتدهور جودة التعليم، وزيادة معدلات الفقر. على سبيل المثال، تقلص ميزانية الصحة يعني زيادة تكاليف العلاج على المواطن، خاصة الفئات الضعيفة. كذلك، فإن تراجع دعم التعليم قد يؤثر على معدلات التحصيل الأكاديمي ويؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي.

الحلول المقترحة لتحقيق توازن بين الإصلاح والاستمرارية

ويتطلب الأمر إصلاحات موجهة بدلاً من تقليص النفقات إذ يجب على تونس التركيز على تحسين كفاءة النظام الإداري وتعزيز الرقابة المالية، بدلًا من تقليص الميزانية الاجتماعية وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص حيث يمكن للدولة إشراك القطاع الخاص في تقديم خدمات التعليم والصحة، ولكن بضمانات كافية تحافظ على جودة الخدمة وشموليتها.

كما أن الاستثمار في القطاعات الإنتاجية قد يساعد في خلق الثروة والحد من مؤشرات الفقر حيث أن تعزيز الزراعة والسياحة والصناعات التحويلية يساعد في توفير موارد جديدة، مما يدعم الدور الاجتماعي للدولة دون الاعتماد كليًا على القروض الدولية. في المقابل فإن مواصلة الدور الاجتماعي للدولة في تونس يمثل استثمارًا في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. وتحتاج تونس إلى مقاربة جديدة توازن بين حاجتها للإصلاح الاقتصادي وحاجتها للحفاظ على مكتسباتها الاجتماعية في ظل عديد التحولات العالمية المتسارعة والتي لها تأثيرات مباشرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية

تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…