2024-10-29

اتخاذ إجراءات قانونية للتصدي لظاهرة الانحلال الأخلاقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي : خطوة إيجابية وإن تأخرت المعركة ضد هذه الآفة..

أذنت وزارة العدل في بلاغ لها صدر الأحد 27 أكتوبر 2024 باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للتصدي لعديد الممارسات، وفتح أبحاث جزائية ضد كل من يتعمّد إنتاج، أو عرض، أو نشر بيانات معلوماتية ،أو بث صور أو مقاطع فيديو تحتوي على مضامين تمس من القيم الأخلاقية.

وقالت الوزارة في ذات البلاغ أن هذا القرار جاء إثر انتشار ظاهرة تعمد بعض الأفراد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة «تيك توك» و«انستغرام»، لعرض محتويات معلوماتية تتعارض مع الآداب العامة أو استعمال عبارات أو الظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة أو منافية للقيم المجتمعية من شأنها التأثير سلبا على سلوكيات الشباب الذين يتفاعلون مع المنصات الالكترونية المذكورة.

لا شك أن هذا الإجراء يعتبر خطوة إيجابية وانتظرها الكثيرون منذ مدة نحو مكافحة هذه الآفة التي تمس بالأخلاق والمبادئ خاصة بعد  تزايد انتشار الضغط المجتمعي لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تهديدا واضحا للناشئة وتؤثر بشكل كبير على السلم الاجتماعية في البلاد. إلا أن التساؤل الأبرز الذي يمكن طرحه في مثل هذه الخطوات الهامة لماذا لم تتخذ مثل هذه الإجراءات في وقت أبكر؟ ولكن ورغم تأخرها إلا أنها لاقت الكثير من الاستحسان من فئة مهمة من الشعب التونسي الذي ثمّن هذه الخطوة في اتجاه الحد من ظاهرة أثرت بشكل سلبي على الأسر والمجتمع عموما.

فقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير في إماطة اللثام عن جانب من جوانب الانحلال الأخلاقي الذي تعرفه المجتمعات العربية عموما وتونس ليست باستثناء، ولعل تطبيقة «تيك توك» هي احدى هذه المواقع التي استطاعت تحقيق انتشار كبير، بل تحولت في أغلب الأحيان إلى «ملهى ليلي» مباشر للعريّ والايحاءات غير اللائقة والرقص الماجن. إذ أن هذه الوسائل التواصلية باتت من أكثر المؤثرات الخارجية التي ساعدت بشكل كبير على طمس الهوية، وتزييف القيم، وترسيخ الانحلال والانحراف، وهذا ما نجني ثماره اليوم، بل وتسببت وعلى رأسها «تيك توك» في انجراف الكثير من الشباب إلى طريق الانحلال الأخلاقي، والاتجار بالبشر، الذي انتهى بهم في غياهب السجون، وأشهرهم قضية فتيات «تيك توك» في دولة عربية وغيرهن كثيرات؛ واللاتي تم القبض عليهن في مواقف مختلفة ولكن الاتهامات كانت متشابهة كثيرا ومنها «نشر مقاطع مُصورة وصور خادشة للحياء العام وتخل بالقيم الأسرية عبر حسابات خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي».

ما تبثه مواقع التواصل من محتوى يساعد على تفشي الرذيلة والعنف والبلطجة كانت له آثاره المدمرة على الشباب وخاصة المراهقين؛ الذين يقلدون كل جديد، ولكن المؤسف هو التقليد الأعمى لما يشاهدونه على مواقع التواصل دون اعتبار لمخالفته لثوابت الدين والأخلاق، فأصبحنا نشاهد أطفالا وشبابا ونساء يقدمون الابتذال على تلك المواقع دون قيود بهدف التربّح أو الشهرة أو التقليد الأعمى.

هذه الجرائم والأحداث تكشف حجم الخطر الذي تحمله مواقع التواصل على مستخدميها خاصة الشباب منهم ، حيث يؤكد المتابعون للشأن العام في البلاد أن الخطأ يكمن في سوء الاستخدام لتلك المواقع من قبل الشباب، الذي أضر بهم كثيرا وتخطى ضررهم ليعم المجتمع بأكمله بطفرة من الفساد  استدعت وقفة جادة لتدارك الآثار السلبية لذلك الأمر ما يستلزم تقنين استخدامها مع ضرورة قيام الأجهزة والمؤسسات الحكومية بالأخذ بسياسات التدابير التنظيمية في ما يتعلق بضبط وتنظيم آليات عمل تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي دون أن ننسى الدور المهم الذي يجب أن تلعبه الأسرة النواة الأولى للمجتمع في التصدي لهذه الآفة التي تنخر السلم الاجتماعية في البلاد وتهددها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس الغرفة الوطنية لتجار الدواجن واللحوم البيضاء ابراهيم النفزاوي لـ«الصحافة اليوم» : أزمة اللحوم البيضاء في اتجاهها للإنفراج

تعرف الأسواق التونسية خلال الآونة الأخيرة اضطرابا في التزوّد باللحوم البيضاء أرجعها رئيس ا…