2024-10-29

الاطمئنان على الصابة يبدأ الان : توفير البذور وجودتها.. الضمانة الحقيقية لأمننا الغذائي

مع بدء استعداد الفلاحين للحرث والبذر، بدأت الحركية تدب في الهياكل الفلاحية بمختلف أنواعها، وبدأت التقارير تتالى من الجهات حول الاستعدادات لموسم البذر، او حول ما وفرته المندوبيات الجهوية للفلاحة، وكذلك حول تدخلات وارشادات اتحاد الفلاحين وكذلك الخبراء والمختصين.

لكن الاهم من كل هذه النشاطات هو الارادة، ارادة انجاح الموسم الفلاحي حقيقة، وليس من أجل ان نقول أننا حققنا تقدما ونعطي أرقاما تزيد أو تنقص عن المواسم الفارطة، ونوضح مقارنات لا تعني الفلاح والمواطن في شيء.

فتوفير البذور الممتازة، وضمان جودتها، وحسن مردوديتها، ومواكبة الفلاح من ساعة الحرث الى ساعة الحصاد، وتوفير كل ما يمكن لرعاية الزراعات ومداواتها وتسميدها وتنقيتها من شوائب الطفيليات، وتحسين الأصول، والعودة بالخصوص الى البذور العريقة والابتعاد قدر الامكان عن الفسائل المهجّنة التي لا يُعرف تأثيرها على التربة وعلى صحة البشر والحيوان الا بعد سنوات، وتجنب الاكثار من الكيمياويات أثناء التخصيب والمداواة والتركيز أكثر ما يمكن على الاسمدة العضوية والمخلفات الحيوانية.

ذلك أن ضمان الامن الغذائي للموسم القادم وللمستقبل أيضا يبدأ هذه الايام، من خلال الاطمئنان على موسم بذر سليم، وبذور جيدة، وحلول ومحفزات تزيد في اقبال الفلاحين على الزرع والعناية بالزرع، هو الذي يضمن الصابة الوفيرة والنوعية الجيدة، ويقلل من ارتهاننا للخارج ومن تعويلنا في ضمان قوتنا على الاسواق العالمية التي لا أحد قادر على فهم تقلباتها او توقع أسعارها والتحكم في صفقاتها.

الحكومة تعي ذلك جيدا، وتسعى بالتأكيد لعدم تكرار ما حصل من نقص في الخبز والمعجنات خلال السنة الفارطة والتي قبلها. وفي هذا الصدد أوصى وزير الفلاحة خلال جلسة لمتابعة مدى تقدم موسم البذر 2024 – 2025، على “تضافر الجهود لانجاح الموسم والعمل على توفير الكميات اللازمة من الأصناف المطلوبة من البذور وإعطاء الأولويّة لمناطق انتاج الحبوب مع التسريع في توفير مدخلات الإنتاج في أحسن الآجال وإيجاد الحلول الممكنة للإشكاليات المطروحة”.

وهذا الاستعداد الحكومي يجب ان تواكبه رغبة وإرادة من الفلاحين ومن هياكلهم، وخاصة  وعي عال بمدى أهمية توفير البذر الجيد من أجل موسم جيدا، وخاصة الابتعاد عن عقلية التواكل وترك القطاع الزراعي واهمال مساحات الحبوب لفائدة زراعات أخرى خوفا من الجفاف، أو التوجه الى أعمال جانبية، خاصة في السنوات الاخيرة وما عرفته من عزوف عام عن العمل الفلاحي لدى الفئات الشبابية.

فمواكبة الصابة يبدأ من لحظة انطلاق الحرث الاولى ويستمر حتى ايصالها سالمة للمطاحن والمخازن، وكل تهاون في أي فاصل من هذه المسيرة الموسمية، مهما كان بسيطا سيسبب بلا شك تأثيرات سلبية على الصابة وعلى ضمان الغذاء يوما آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حملات عديدة ومتنوعة وعلى كل الواجهات : هل تستعيد البلاد وجهها المشرق بعد التنظيف؟

تعيش تونس، خاصة العاصمة والمدن الكبرى، على ضوء حملات تنظيف متعددة الجوانب، وبشكل سريع ومنظ…