تجميل معالم العاصمة أولوية قصوى أيضا: نحو استعادة الصورة الحضارية المشرقة لتونس
لأن المدن تشبه أصحابها ولأن معالمها تصبح بفعل الزمن جزءا لا يتجزأ من الشخصية النفسية لسكانها فمن الطبيعي ان تختزل تاريخهم وحضارتهم.
ولأن للمكان عبقرية كما قال المفكر الكبير جمال حمدان فإن الشوارع والساحات والفضاء العام هي اختزال مكثف لكل ما أنتجه شعب ما على امتداد تاريخه.
هذه مقدمة ربما تكون ضرورية لفهم التشوه الكبير الحاصل في العديد من المدن التونسية العريقة وفي مقدمتها العاصمة فقد تعرضت لما تعرض له الشعب التونسي ذاته من تحولات عاصفة أثّرت في نفسيته وسلوكه ومدى تحضره ولو الى حين.
هنا علينا جميعا ان نقف مع أنفسنا ونراجع ما حصل ونسعى متكاتفين إلى انقاذ ما يمكن إنقاذه وان نعمل جاهدين على استعادة الصورة الحضارية المشرقة لتونس بكل مدنها وقراها.
ولعلنا جميعا يحتفظ كل منا بشكل من الأشكال بتصريح اوحديث لشخصية عامة زارت تونس سواء من محيطنا العربي أو من الأجانب تروي ذكرياتنا عن الأماكن التونسية وعن الشخصية التونسية والسمة الغالبة على هذه الاحاديث هي وصف تونس والتونسيين بالرقة والوداعة والانفتاح. والحقيقة أن هذا الكلام ليس محض مجاملة بقدر ما يحتوي على قدر لا بأس به من الوجاهة وهذا ما عرفت به تونس على امتداد تاريخها وما ميّز الشعب التونسي. لكن الاعتراف مع كل أسف أن تشويها حدث في وجه تونس الجميلة في العقد الذي تلا الثورة التونسية، تشويه في جانب منه قصدي ومتعمد وفي جانب آخر هو من قبيل التقصير والإهمال ولكن في كلتا الحالتين الضرر حاصل لا محالة.
لكن ما العمل الآن؟
سؤال اجابته معلومة وتختفي في طابعه الإنكاري، نحن الآن أمام شغل كبير من أجل تحسين صورة بلادنا واستعادة اشراقها بكل الطرق وكما قلنا في مقال سابق لكن مشروع إعادة تهيئة مسبح البلفدير وساحة باستور يكون منطلقا لعملية تطوير وتحسين لوجه العاصمة ولكل المدن التونسية بالتبعية.
ومن الواضح اليوم أن هذا ما تتجه إليه البلاد اليوم وهوما تجلى عمليا وميدانيا من خلال زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى وسط العاصمة ومعاينته لتقدم أشغال إعادة تهيئة دار الثقافة ابن خلدون التي أذن بها من قبل.
هذا وتولى رئيس الدولة القيام بجولة في ساحتي برشلونة والمنجي بالي وأذن بإعادة تهيئتهما على غرار ساحة باستور. ويندرج هذا في إطار تجميل وتحسين معالم العاصمة التونسية حتى تستعيد جمالها ووجهها الحضاري الذي عرفت به سواء لدى التونسيين أو الأجانب.
ويبدو أن هناك انشغالا حقيقيا من قبل أعلى هرم السلطة بفكرة تجميل المدن ومباشرة أشغال تهيئة لعديد المعالم المهمة في العاصمة والإقدام على هذه المهمة بالنجاعة والسرعة اللازمتين. وهو ما تجلى من خلال تأكيد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة تدارك كل النقائص التي لاحظها لدى متابعته لتقدم الأشغال في دار الثقافة ابن خلدون مضيفا انه لا يمكن القبول بأنصاف الحلول أو بترميم ظاهري.
وهذا الكلام يوحي بضرورة تحمل المسؤولية من قبل المشرفين على المشاريع المتعلقة بالتهيئة والترميم والتحلي بالجدية والانضباط لتكلل الاعمال بنتائج طيبة وفي ظرف زمني معقول ومقبول بعيدا عن التراخي والتمطيط تماما كما حدث في مسبح البلفدير وساحة باستور.
والأكيد اليوم ان ملامح المرحلة القادمة بدأت تعلن عن نفسها بالتدريج وإذا كان الشعار الأبرز لها هوالبناء والتشييد فإن هذا يحيل على المعنى الرمزي وأيضا على المعنى الملموس فبلادنا ينبغي ان تراهن على التطوير والتحسين في البنية التحتية وفي كل المرافق والقطاعات من اجل تحقيق الإقلاع المنشود.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …