الإرشاد الفلاحي المفقود : الفلاّح تائه بين التكنولوجيا وتحديات الإنتاج
يُعتبر الإرشاد الفلاحي عاملاً حيوياً في تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة القطاع الفلاحي في تونس، إلا أن النقص الملحوظ في الإرشاد يؤثر بشكل سلبي على التنمية المستدامة والاقتصاد الفلاحي بشكل عام. حيث يعتمد الإرشاد الفلاحي على توفير المعرفة والتدريب اللازمين للفلاحين لتبني أحدث التقنيات والممارسات الزراعية .
ومن الملاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة ومع انتشار وسائل التواصل الافتراضي والشبكات الاجتماعية تزايدت الدروس الإرشادية من مختلف الفئات في حين تراجعت الومضات والحلقات الارشادية الضرورية من الجهات الرسمية والكل يقدم دروسا دون معايير مضبوطة ما ساهم في انتشار المعلومات المغلوطة وانتشار سلالات ومشاتل فلاحية دخيلة على القطاع الفلاحي في تونس وسيكون لذلك أثر سلبي على المدى المتوسط والبعيد .
أهمية الإرشاد الفلاحي
الإرشاد الفلاحي هو جسر بين الأبحاث الزراعية والفلاحين، حيث يعمل على نقل المعرفة العلمية إلى المزارعين بأسلوب يفهمونه ويستطيعون تطبيقه في حقولهم. من خلاله، يتمكن الفلاحون من تحسين الإنتاجية باعتماد التقنيات الحديثة التي تساهم في زيادة المحاصيل كما يساهم الإرشاد الفلاحي الناجع في الحفاظ على البيئة من حيث تقليل استهلاك الموارد الطبيعية، مثل الماء والأسمدة، عند تطبيق أساليب زراعية صديقة للبيئة فضلا عن رفع جودة المنتجات وذلك بتوجيه الفلاحين حول كيفية تحسين جودة المنتجات بما يتماشى ومتطلبات الأسواق المحلية والدولية .
أسباب نقص الإرشاد الفلاحي في تونس
تقول زينب الصابري « مهندسة فلاحية تتعامل مع كبار منتجي الزيتون» أن هناك نقصا في الموارد البشرية حيث أن قلة عدد المرشدين الفلاحيين المؤهلين لتغطية جميع المناطق الفلاحية، خصوصًا المناطق الريفية بات أمرا ملحوظا ، إضافة إلى التكوين المحدود وعدم وجود برامج كافية لتدريب الفلاحين وتطوير قدراتهم وإن توفرت فهي بأسعار باهظة ، إلى جانب غياب التمويل الحكومي المعهود لمثل هذه البرامج سيما مع التحديات الجديدة التي يتعرض لها الفلاحون بسبب التغير المناخي، مما يتطلب إرشادًا متطورًا ومتخصصًا .
وفي نفس السياق يؤكد لنا منتصر المحمدي «مستثمر شاب في غراسة الزياتين» أن ضعف التنسيق بين الهياكل الرسمية الفلاحية وقلة التنسيق بين المؤسسات البحثية والجمعيات الفلاحية والمهنية، أدى إلى صعوبات كبيرة في إيصال المعلومات إلى الفلاحين الذين أصبحوا يتصرفون بوسائلهم ومعارفهم الذاتية أو في أحيان كثيرة يتوجهون نحو الشبكة العنكبوتية للبحث عن المعلومة في مجال فلاحتهم .
ثر نقص الإرشاد الفلاحي على القطاع
الفلاحون الذين لا يتلقون توجيهًا مناسبًا يعتمدون على أساليب تقليدية قديمة ، مما يؤدي إلى إنتاجية ضعيفة.وفي المقابل ثمة نوع من إهدار الموارد نتيجة عدم الوعي بكيفية استغلال الموارد بفعالية، ما يحدث الاستنزاف المفرط للمياه والأسمدة.
ومن بين الحلول المقترحة في هذا السياق ضرورة تطوير برامج تدريبية شاملة لتعزيز تكوين الفلاحين عبر تنظيم ورشات عمل دورية تنقل أحدث التقنيات الزراعية على أن يتم تنظيم هذه الورشات في أماكن قريبة جدا من تجمعات الفلاحين حسب المناطق. والتفكير في زيادة عدد المرشدين الفلاحيين وذلك بتعيين مرشدين إضافيين لضمان تغطية كل المناطق الريفية بالأساس والتوجه نحو استخدام التكنولوجيا من حيث إدخال التطبيقات والأنظمة الرقمية في الإرشاد الفلاحي لتسهيل التواصل بين الفلاحين والخبراء.
دور الشركات الأهلية في تطوير السياحة الإيكولوجية : مشاريع تنتظر التفعيل في حال توفير الدعم والتسهيلات الضرورية
تمثل السياحة الإيكولوجية نموذجًا مستدامًا يتماشى مع أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية و…