2024-10-27

حملات عديدة ومتنوعة وعلى كل الواجهات : هل تستعيد البلاد وجهها المشرق بعد التنظيف؟

تعيش تونس، خاصة العاصمة والمدن الكبرى، على ضوء حملات تنظيف متعددة الجوانب، وبشكل سريع ومنظم وممنهج، ويعطي نتائج حينية.
فعلى المستوى الامني، قامت قوات الامن الداخلي وفرق الحرس والمختصة، ليل الاربعاء الفارط بعملية تطهير واسعة، شملت عشرات النقاط السوداء، وأسفرت عن ايقافات بالمئات، ومحجوز بالاطنان، من مواد مخدرة وأقراص وخمور.
كما “مكّنت العملية من الاطاحة بأباطرة ترويج المخدّرات في تونس من المرتبطين بشبكات دولية تقوم بتهريب المواد المخدّرة”. وفق ما ورد على لسان الناطق الرسمي لادارة الحرس الوطني، الذي أضاف أن العملية التي استمرّت من الساعة منتصف الليل الى الخامسة صباحا، أدّت الى “ايقاف أكثر من 200 مروّج للمخدّرات في تونس وحقّقت نجاحا بنسبة ناهزت 94 بالمائة”.
وهي عملية نوعية، وحملة تطهير حقيقية أطاحت بأهم الرؤوس والحيتان الكبيرة التي تغرق شباب تونس في المخدرات والافيون وتعاطي الاقراص والقنّب، كما أطاحت ايضا بمهرّبي الحدود الذين يستوردون هذه المواد من خارج البلاد من أجل الاثراء السريع على حساب مستقبل الشباب التونسي، وحتى لو أدى ذلك الى تدمير الدولة والمجتمع.
حملة النظافة الثانية، شهدتها شوارع وأنهج وساحات العاصمة في الاسبوع الفارط، حيث كلفت السلط التي تسير بلدية تونس، شركات خاصة تولت تجنيد عمال وعاملات من مختلف الاعمار والفئات بتنظيف الشوارع الرئيسية والانهج وحتى الزناقي الفرعية، وجمع كل المخلفات والفضلات، وجهر بعض “البالوعات” التي انسدت بفعل تراكم الأتربة والأوساخ، كما تقوم هذه الفرق بتجميل بعض المناطق وخصوصا الساحات التي حولها الإهمال إلى فضاءات خالية ومظلمة ولا تشبه شيئا ولا يحلو فيه تجول أو حياة أو حتى مرور.
بالتوازي، تعيش البلاد على وقع حملة تطهير أخرى لبعض المؤسسات العمومية، وخصوصا في القطاع البنكي، وفي بعض القطاعات التي انتشر فيها الفساد، وعمّت الرشوة وسوء التصرف والمحسوبية وإهدار المال العام.
بلاغات القضاء والنيابة العمومية تحدثت خلال الأسبوع الفارط فقط عن إيقاف رجال أعمال ومديرين عامين في البنوك، وأكثر من عشرين إطارا بنكيا من إحدى المؤسسات المعروفة، وتتحدث أنباء أخرى عن بدء البحث في إحدى البنوك الكبرى ومن المتوقع سقوط رؤوس كبيرة، أوغلت في الفساد واعتقدت طويلا انها محصّنة ضد المحاسبة.
كما تجري عمليات تطهير أخرى في بعض القطاعات الحساسة التي لا تظهر عادة أخبارها في الاعلام، كالديوانة والجمارك والقضاء، مضافا إليها رجال أعمال ممن تورطوا في التهريب وتجارة الممنوعات وتبييض الأموال والاحتماء بالسلطات من أجل التغول على حساب الوطن والمواطن.
تقارير إعلامية تحدثت أيضا عن قرب الإطاحة بعشرات من حاملي الشهادات المزورة الذين تمكنوا في غفلة من الجميع من احتلال مواقع هامة داخل الإدارة التونسية، سواء في قطاع النقل أو في التعليم والصحة وفي مختلف المرافق التي مرت عليها سنوات الخراب وتركت بصماتها على جدرانها، في شكل فئة متمعشة لا تمتلك شهائد علمية ولا كفاءة، ومؤهلاتها الوحيدة هي القدرة على التكيّف مع كل موقع، والتسلق عبره الى مواقع أكثر أهمية.
هذه الحملات التي تبرهن مرة أخرى على ان الدولة، حاضرة، وقوية، وستكون حازمة مع كل من لا يحترم القانون أو و يحاول الاضرار بالمجتمع والاقتصاد والسيادة، وتبرهن كذلك على حرص السلطة السياسية، في مفتتح عُهدة رئاسية جديدة، على اعادة الصورة الناصعة للبلاد، والقضاء على شبح الفوضى الذي خيّم طيلة سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الاطمئنان على الصابة يبدأ الان : توفير البذور وجودتها.. الضمانة الحقيقية لأمننا الغذائي

مع بدء استعداد الفلاحين للحرث والبذر، بدأت الحركية تدب في الهياكل الفلاحية بمختلف أنواعها،…