أقدمت عليها رئاسة الحكومة.. إحداث «لجنة المشاريع الكبرى» خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح
أصدرت رئاسة الحكومة أخيرا الأمر المتعلق بضبط الصيغ والإجراءات الخاصة بإنجاز المشاريع العمومية الكبرى والذي يتضمن إحداث « لجنة المشاريع الكبرى » التي كانت وما تزال معضلة منظومات الحكم المتعاقبة التي توقفت عقارب ساعاتها قبل ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة ولم توفّق في برمجة مشاريع كبرى جديدة أو على الأقل استكمال القديم منها لذلك يجوز القول أن ما حصل خطوة في الاتجاه الصحيح..
وكما صار معلوما، تضم هذه اللجنة التي تتبع رئاسة الحكومة ويرأسها رئيس الحكومة بنفسه كلا من وزير المالية ووزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي والوزير المكلف بتكنولوجيات الاتصال ووزير التجهيز والوزير المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية والوزير المكلف بالبيئة ومحافظ البنك المركزي التونسي.
وتعكس تركيبة اللجنة مبدئيا وعيا بأن المشاريع الكبرى، وإن أحالت عناوينها إلى وزارة بعينها فإن التصور والانجاز والمتابعة عمل جماعي، عمل دولة وعمل مؤسسات لا تعطلها العوائق الموضوعية ولا «النقائص» الذاتية فعديد المشاريع صراحة تعطلت بحكم العجز في تذليل وتجاوز صعوبات بسيطة من قبيل انتزاع قطعة أرض للمصلحة العامة أو جراء وضع رجل غير مناسب في المكان المناسب كما يقال.
إن «لجنة المشاريع الكبرى» ومن ورائها الحكومة بطبيعة الحال أصبحت بهذا الشكل أمام تحديات كبرى ولم يعد أمامها ما يبرر عدم تحمل المسؤولية والوفاء بهذا الباب الرئيسي في الوظيفة التنفيذية في انسجام تام مع رئاسة الجمهورية التي تضبط السياسة العامة للدولة خصوصا وأن ساكن قرطاج أثار في أكثر من مناسبة موضوع المشاريع المعطلة ونقائص «الإدارة» ومسؤولية بعض «المسؤولين»..
إنه من غير المنطقي وغير المشروع أن نجد أنفسنا في سنة 2024 في لحظة 2010، اجل لم نستطع إلى حدّ الان أن ننجز للتونسيين مشاريع والأدهى من ذلك أن بعض المشاريع التي انطلقت قبل «الانفجار الثوري» لا تزال تراوح مكانها وبالتحديد منصة انطلاقها ونذكر على سبيل المثال «مترو صفاقس» الذي أحيل أحد مديريه على التقاعد والمشروع ما يزال في مكاتب المقر المخصص في قلب المدينة… !
والأسوأ مما تقدم، تعثر المشاريع الكبرى التي وقع التبشير بها بعد 2011 ووضع حجر الأساس لبعضها وتحولت إلى موضوع تندّر في أوساط التونسيين.
والتحدي الثاني في تقديرنا، الجرأة والاقتناع بدور الدولة في الاستثمار العمومي فالمشاريع الكبرى ليست فقط مسألة سيادية في أغلب جوانبها لكنها أيضا المحرك والمحفز الرئيسي للاستثمار العمومي الخارجي أولا والاستثمار الخاص الداخلي والخارجي بطبيعة الحال.
ويجب أن لا يخيفنا ما يواجهنا به بعض «الشركاء» و«الأصدقاء» من الدول والمؤسسات المالية من فزاعة كتلة الأجور على سبيل المثال أو إعادة ترتيب الأولويات على المقاس لتأبيد بقائنا في نفس مربع العجز والعطالة، فتاريخ الشعوب والدول أظهر أن المشاريع الكبرى هي مفتاح التنمية ومفتاح تعزيز الاقتصاد والرفاه الاجتماعي.
ولعل التحدي الأخير الذي نتوقف عنده هو الأخطر والأيسر في نفس الوقت وهذه المفارقة تتعلق بمعادلة بسيطة مفادها أن المشاريع الكبرى ذات مردودية كبرى مباشرة وغير مباشرة تبدأ بحل مشكلة البطالة وتصل إلى تحريك عجلة التصنيع والتجارة والخدمات أي تحريك العجلة الاقتصادية برمّتها، وفي المستقبل نهدي للمواطن إنجازات حقيقية وليست وهمية.
والأهم من كل هذا أن المواطن الذي يلامس الفعل والانجاز الذي يغير حياته نحو الأفضل مستعد للصبر والتضحية أملا في المستقبل، وخصوصا مستقبل الأجيال القادمة.
إن المتأمل في الأمر الحكومي يلحظ مبدئيا إشارات إيجابية في هذا الاتجاه تستحق التنويه وتستوجب المتابعة التي تظل دائما إشكالية كبرى في عملنا.
وقد جاء في الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة: ستتولى لجنة المشاريع الكبرى وفق الأمر عدد 497 لسنة 2024 الصادر بالرائد الرسمي عدد 130 لسنة 2024، المصادقة على صبغة المشاريع الكبرى وإبداء الرأي في مقترحات إسناد الصفقات الخاصة بتنفيذ المشاريع الكبرى ويكون رأي اللجنة ملزما لجميع الأطراف.
ليس ذلك فحسب، تتابع اللجنة التنفيذ من خلال مسك لوحة قيادة المشاريع التي نظرت فيها وفق مؤشرات دقيقة وتبتّ في المقترحات المتصلة بالصعوبات التي تعترضها بهدف تسريع إنجازها وتجاوز الإشكاليات والعوائق التي تحول دون تنفيذها.
وفي علاقة بالجدوى وفي باب تحميل المسؤوليات المباشرة فإن الوزير القطاعي المعني مباشرة بالمشروع يعدّ وفق الأمر الحكومي تقريرا للجنة يتضمن المعطيات الخاصة بـ«المشروع الكبير» والحاجيات المراد تسديدها والتكلفة التقديرية للمشروع ومخطط التمويل ومدى تلاؤم المشروع مع مخططات التنمية وبيان مساهمته في تنفيذ الأولويات الوطنية والاستجابة لمتطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي، رزنامة إعداد وتنفيذ المشروع، تبرير اختيار طرق إبرام الصفقات المتعلقة بالمشروع، بسط العراقيل واقتراح الحلول ولا شيء ينصف الوطن والمواطنين غير الحلول.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…