2024-10-26

عن المرسوم المتعلق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات : نحو تثبيت الدور الاجتماعي للدولة وترجمته واقعيا..

تجسيدا لما أمر به رئيس الجمهورية قيس سعيّد بالشروع في إعداد نص يتعلق بإحداث صندوق للحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات يضمن لهن التغطية الصحية وتأمينهن ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية، مع ضمان جراية تقاعد لهن، صدر الاربعاء بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المرسوم عدد 4 المؤرخ في 22 أكتوبر 2024 والمتعلق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات.

وهذا المرسوم كانت قد تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء في اجتماعه المنعقد في26 سبتمبر الماضي وذلك بعد شهر من اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية برئيس الحكومة كمال المدوري والإذن له بوضع الإطار القانوني لصندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات، الذي يندرج ضمن توجهات وخيارات الدولة نحو تعزيز السياسات والبرامج الرامية لتكريس دورها الاجتماعي.

ويهدف المرسوم حسب فصله الأول إلى مساعدة هذه الفئة الاجتماعية على تحقيق الإدماج الاقتصادي وتحفيزهن على تحسين ظروف عيش عائلاتهن وتكريس دورهن كفاعل اقتصادي مع انتفاعهن بنظام خاص يضمن لهن منافع التأمين على المرض وجرايات الشيخوخة والعجز والباقين بعد الوفاة والتغطية ضد الأخطار المهنية ومنافع الأمان الاجتماعي.

ومن المنتظر ان يمكّن نظام الحماية الاجتماعية الجديد العاملات الفلاحيات من آليات التحرر الاقتصادي قصد تحسين دخلهن وضمان مقومات الحياة الكريمة لهن، فضلا عن تعزيز مساهمتهن في الدورة الاقتصادية كفاعل اقتصادي رئيسي في تطوير القطاع الفلاحي وتحسين مردوديته.كما سيمكّن الصندوق المحدث بمقتضى المرسوم عدد 4 لسنة 2024 من ضمان التغطية الصحية للعاملات الفلاحيات وتأمينهن ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية مع تمكينهن من جراية تقاعد، وضمان شروط النقل الآمن لهن.

وتضمن المرسوم عدد 4 المؤرخ في 22 أكتوبر 2024 والمتعلق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات 52 فصلا موزعة على اربعة عناوين رئيسية. وهي «الاحكام العامة» و«الادماج الاقتصادي» و«الحماية الاجتماعية» و«نقل العاملات الفلاحيات والتامين ضد حوادث الشغل». وفيما حدد العنوان الأول عددا من المصطلحات والمفاهيم المدرجة في المرسوم واوضح ان النفقات المترتبة عن مختلف البرامج والتدخلات وغيرها من الآليات الهادفة إلى تحقيق الإدماج الاقتصادي والحماية الاجتماعية للعاملة الفلاحيةتُحمل على موارد «صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات» وان العاملة الفلاحية تعفى من تحمل المساهمات في تمويل هذا الصندوق في الحدود المضبوطة بأحكام هذا المرسوم، فان بقية العناوين جاءت مفصلة لمختلف الإجراءات التي تم التنصيص عليها ومختلف الأطراف المتدخلة لتنفيذها.

تأهيل وتكوين وتمويل وحماية…

وحسب الأهداف المرسومة، فانه لمساعدة العاملات الفلاحيات على بعث المشاريع أوكلت مهمة التأهيل والتكوين والمرافقة للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل وذلك بتنظيم جميع التدخلات المتعلقة بتنفيذ برنامج الإدماج الاقتصادي للعاملة الفلاحية. لتنتفع هذه الفئة بإجراءات تفاضلية في إطار برامج وآليات التكوين المهني والتشغيل. كما تمنح لها الأولوية في الانتفاع بالبرامج الفلاحية في إطار التنمية الجهوية. ويتم تمويل المؤسسات الفلاحية الصغرى التي تحدثها في إطار «مستغلات عائلية فلاحية» أو في إطار مبادرات فردية، عن طريق صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات.

ومكّن المرسوم الجديد المرأة العاملة في القطاع الفلاحي من الاستفادة بمختلف البرامج وآليات الإدماج الاقتصادي المقدمة من قبل مختلف هياكل الدولة بموجب اتفاقية تبرم في الغرض بين الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالتشغيل والتكوين المهني والوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بالفلاحة. كما مكّنها من نظام خاص للضمان الاجتماعي يشمل إسداء منافع التأمين على المرض وجرايات الشيخوخة والعجز والباقين بعد الوفاة. وقد حدد المرسوم شروط الانتفاع بهذه الخدمات والفئات المنتفعة به.

وفي ما يخص نقلهن فقد نص المرسوم على تكفل صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات بنسبة من مصاريف النقل على ضوء الحاجيات التي يتم ضبطها من قبل الولاّة. على ان يتم لاحقا وبمقتضى امر ضبط تحديد صيغ وشروط وإجراءات نقل العاملات الفلاحيات الأجيرات وغير الأجيرات والمواصفات الفنية المستوجبة في العربات المخصصة لنقلهن ونسب تكفل صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات.

ومكّن المرسوم الجديد العاملات الفلاحيات من حق التأمين ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية، مع تمتيعهن بنظام تعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية واسناد هذه المهمة إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وفي صورة تسبب حادث في وفاة العاملة الفلاحية الأجيرة أو غير الأجيرة يتم صرف منحة تساوي مرتب شهر للقرين والأبناء في الكفالة.

هذا ويجدر التذكير بأن مشروع قانون المالية لسنة 2025، نص في فصليه 13 و14 على تنظيم صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وإقرار امتيازات جبائية لفائدتهن. وحسب ما جاء في هذا الفصل، ستتمع العاملات الفلاحيات من هذا الصندوق باعتبار الصعوبات والإشكاليات التي تواجهها، على أن يتم تمويل الصندوق من ميزانية الدولة بـ 5 ملايين دينار، وبمداخيل أخرى تتمثل في معلوم بنسبة 1 بالمائة من أقساط التأمين أو معاليم الاشتراك المتعلقة بجميع فروع التأمين تدفعها شهريا مؤسّسات التأمين، باستثناء عقود التأمين التكافلي، إلى جانب موارد أخرى تتمثل في معلوم قدره 5 دنانير تدفعها الوكالة الفنية للنقل البري بعنوان كل شهادة فحص فني، وبنسبة 10 بالمائة من المبلغ الجملي للخطايا المرورية المستخلصة سنويا.

ومتّع مشروع قانون المالية لسنة 2025العاملات الفلاحيات ايضا بالإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل المستوجبة على المداخيل التي تحققنها، وذلك لمدة 5 سنوات بداية من غرة جانفي القادم. هذا الى جانب إعفاء الشاحنات المعدة لنقل العاملات الفلاحيات من معاليم الجولان المستوجبة شريطة عدم ممارسة أصحاب وسائل النقل نشاطا آخر يتعلق بنقل الأشخاص أو البضائع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

علاوة على دوره في خلق التوازنات المالية للبلاد : القطاع البنكي يرمي الى توسيع دوره المجتمعي ودعم مجهود الدولة التنموي

لاقت النتيجة النهائية لعملية استصلاح المسبح البلدي بالبلفيدير وإعادة تهيئة ساحة باستور بعد…