مرة أخرى توجّه القوات الأمنية ضربة موجعة لمافيا المخدرات وذلك في إطار سلسلة من العمليات الدقيقة التي تسعى من خلالها الى تنقية المناخ الاجتماعي العام من الجريمة بكل أنماطها ومظاهرها.
ففي سياق عملية نوعية سعت القوات الأمنية الى احاطتها بالسرية والكتمان تمكنت وحدات من سلك الأمن والحرس الوطنيين وتحت الإشراف المباشر للقيادات الأمنية العليا من القبض على حوالي 205 عنصر خطير من مروّجي المخدرات الذين ينشطون في تونس الكبرى كما تم ضبط مبالغ مالية مهمة واسلحة بيضاء الى جانب حجز كميات كبيرة من المواد المخدرة التي كان من المنتظر ترويجها.
ويأتي هذا في إطار حملة واسعة النطاق تستهدف مافيا المخدرات في تونس الكبرى حيث تنشط مجموعة من اباطرة هذه السموم الذين يقومون بتدمير ممنهج لشباب تونس وحتى بعض الأطفال عبر شبكات معقدة تبيع هذه المواد المخدرة في الاحياء الشعبية والراقية على حد سواء كما تنشط بشكل كبير في محيط المدارس والمعاهد والاعداديات وهي من اكبر المخاطر التي تهدد المجتمع التونسي اليوم.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من سياق دعا الى ضرورة تأمين المؤسسات التربوية والى محاربة كل مظاهر الجريمة المنظمة التي تهدد التونسيين في أمنهم وأمانهم الفردي والعائلي وحفاظا على ممتلكاتهم وضمانا للسلم الأهلي خاصة مع تنامي عديد الظواهر الاجتماعية الخطيرة وفي مقدمتها شبكات الاتجار بالبشر ومافيا المخدرات وغيرها من الجرائم.
وفي هذا الاطار تتنزل الجهود الأمنية المبذولة في الآونة الأخيرة من أجل مكافحة كل مظاهر الانحراف والجريمة. وعلى هذا الأساس تمت الإطاحة بهذه الشبكة الاجرامية المتخصصة في ترويج السموم والتي تضم مجموعة من كبار المروّجين للمواد المخدرة في تونس الكبرى وذوي السوابق العدلية من العناصر الخطيرة المفتش عنها والتي كانت متحصنة بالفرار. وقد قامت وحدات الأمن والحرس الوطنيين بالقيام بحملة كبيرة استهدفت منازل ذوي الشبهة وألقت القبض عليهم.
مع العلم ان هذه العملية النوعية كانت مسبوقة بتحريات سرية وتنسيق محكم بين عديد الأطراف استمر لمدة ثلاثة أسابيع أسفرت عن تحديد الأهداف بدقة ثم القيام بالمداهمات تحت اشراف النيابة العمومية.
والحقيقة ان القوات الأمنية تخوض حربا بلا هوادة على المخدرات وهي الحرب المعلنة من فترة وبأمر مباشر من رئيس الجمهورية ولذلك تتم هذه العمليات النوعية بإشراف مباشر من القيادات الأمنية العليا، مما يوحي بأن هذه المعركة بالغة الأهمية ولابد من أخذها بجدية والتعامل معها بالصرامة اللازمة نظرا لمخاطرها على الدولة والمجتمع.
وتأتي هذه العملية النوعية الدقيقة التي حققت مجمل أهدافها تقريبا كنتيجة لعمل استعلاماتي هام بالإضافة الى الجهود التي بذلتها الوحدات العاملة في الميدان. وهذا دليل واضح على انه بقدر ما يكون التنسيق محكما بين جميع الأطراف المتدخلة ويحاط بالسرية التامة بقدر ما يحقق النتائج المرجوة.
ومعلوم ان ظاهرة المخدرات تفشت في المجتمع التونسي بشكل يدعو الى القلق وينشط المروّجون لهذه السموم في شكل شبكات عنقودية تتوزع في شكل دوائر بعضها يتولى الترويج في الاحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة وبعضها يتولى الاتجار في هذه المواد المخدرة في أماكن السهر واللهو في الضواحي الراقية والبعض الاخر يروج المخدرات للتلاميذ الصغار في محيط المدارس ويشرف الاباطرة الكبار على هذه العمليات في اطار تنظيم مافيوزي . وعلينا الاعتراف بأن هذه الشبكات استفادت من مسألة الإفلات من العقاب وحالة التراخي التي كانت موجودة في السنوات التي تلت الثورة وانشغال الفاعلين السياسيين بالصراع على السلطة وعدم أخذ الملفات الحارقة مأخذ الجد ومن هذه الثغرة تسللت كل مظاهر الإجرام والانحرافات الخطيرة التي بتنا ندفع ثمنها في وقت لاحق.
والواضح الآن ان الدولة شنت حربا بلا هوادة على هؤلاء المروّجين وان الإرادة السياسية متوفرة اكثر من أي وقت مضى وبالتالي فإن يد القانون ستطال هؤلاء المروّجين مهما تحصّنوا بالفرار ومثل هذه العملية النوعية ماهي الا منطلقا وستتم الاطاحة بكل الأطراف الفاعلة في هذا الملف الخطير.
اتّساقا مع الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية : المضيّ بخطى ثابتة نحو أفق جديد
على الجميع ان يحثّ الخطى في الاتجاه الذي رسمه الشعب لبناء تاريخ جديد … هذه الجملة هي…