2024-10-26

صرخة انطلقت من قليبية وتتحول تدريجيا الى نداء عام : ضرورة تفعيل الراحة البيولوجية قبل ان تنفد الثروة السمكية

تقارير اعلامية كثيرة تحدثت عن الخطر المتزايد لمعنى نفاد الثروة السمكية، وورقات بحث عديدة من مختصين في القطاع وممارسين للمهنة ومتعاطين مع القطاع بشكل يومي، كلها تحذّر من تراجع كبير للثروة السمكية، وتدعو الى ايجاد الحلول، وتوجّه الى الاحتمالات الممكنة للاصلاح وتدارك هذه الثروة قبل ان تنفد.

أما البحارة بمختلف صنوفهم، من عمال وباعة ووسطاء وأرباب مراكب وصيادين، فانهم يشتكون بشكل يومي، ودون انقطاع من خطر التراجع الخطير للثروة السمكية، ونقص الانتاج وتراجع المحصول خلال العشر سنوات الاخيرة، والذي يزداد قتامة يوما بعد آخر بشكل تصاعدي ينذر بما أكبر وأخطر في هذه الأزمة.

الاصوات التي تطالب بالحل الذي لا يبدو أن لا مناص من تطبيقه، وهو اعتماد الراحة البيولوجية، حتى يتمكن البحر من استعادة أنفاسه، وتتحسن بيئته البيولوجية  ويعود الى سالف عهده من خلال تكاثر الاسماك وتفقيس اليرقات ونمو الاعشاب البحرية التي تنظم سابقا عملية التكاثر في البحر.

بحارة قليبية في صرختهم الاخيرة طالبوا بان تُفرض الراحة البيولوجية على كافة المياه التونسية وليس على شاطئ دون آخر، حتى يتمكن البحر من استعادة عافيته، مع تمتيع البحارة بمنحة هذه الراحة، لكي يواجهوا الاعباء التي تكدست على كواهلهم خلال فترة “الجدب” السمكي، وما تراكم عليهم من ديون وقروض أوصلت أغلبهم على عدم القدرة على سد حاجته واعالة أسرته وحتى على اقتناء الشباك واصلاح المراكب والضروريات.

بعض البحارة في ميناء قليبية قالوا لوسائل اعلام “أنّ تفعيل الراحة البيولوجية ضرورة ملحة لاسيما وأنه يتم لأكثر من 10 سنوات اقتطاع 1 بالمائة من مداخيل البحارة في سوق الجملة لتوجيهها لصندوق الراحة البيولوجية لكن دون التمتع بها، معربا عن أمله في أن تتخذ السلط المعنية إجراءات جديدة لدعم البحارة وتمتيعهم بالراحة البيولوجية التي ستمكن من توفير الإنتاج”. وهو ما يتفق فيه معهم أغلب صيادي السواحل التونسية من طبرقة الى البيبان، والذين يجمعون على أن “الاستغلال المفرط للثروة السمكية، وعدم تفعيل الراحة البيولوجية ما أدّيا إلى نقص الإنتاج بنسبة تفوق 60 بالمائة وعدم تغطية مصاريف العمل لتكلفة الإنتاج.” وهو ما يعني أن هناك أزمة حقيقية في قطاع حساس يعول مئات الالاف من العائلات والافراد، وكان يمثل أحد روافد الاقتصاد الوطني ويشغّل يدا عاملة كثيرة ويرفد خزينة الدولة بنصيب محترم من العملة الصعبة.

بعض المراقبين يرون أن هذا القطاع لا يمكن تداركه الا بتفعيل الراحة البيولوجية وتطبيقها بشكل صارم حتى يستعيد البحر عافيته ويعود الى سالف نشاطه متى ما تتوفر فيه الاسماك والاحياء البحرية التي توشك الان على الانقراض نتيجة عدة عوامل لعل أهمها الاستنزاف غير المنطقي للبحر من خلال الصيد العشوائي وأنواع كثيرة من الصيد غير القانوني، اضافة الى “تأثير الجفاف والتلوث البيئي والانحباس الحراري وارتفاع درجات حرارة البحر بسبب التغيرات المناخية”.

وهذه الصرخة التي يوجهها البحارة في عديد الموانئ التونسية، لا يمكن ان تبقى مجرد صدى، بل يجب على السلطات المختصة في المجال، سواء وزارة الفلاحة او اتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة والتجارة وخصوصا المعهد الاعلى لعلوم البحار، أن تتحرك كلها للتوافق حول موعد نهائي للبدء في تفعيل الراحة البيولوجية، مع ما تتطلبه من ضروريات لفرض تطبيقها بالكامل، وتحديد مدتها، وترتيباتها، حتى لا تفقد تونس ثروتها السمكية وحتى لا تُحرم الاجيال القادمة من بحرها في بلد يتمتع بأحسن السواحل في محيطه الاقليمي وفي العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حتى‭ ‬لا‭ ‬تتصحّر‭ ‬سواحلنا‭ ‬ويصيبها‭ ‬الجدب‭:‬ الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬توشك‭ ‬على‭ ‬النفاد‭ ‬والآفات‭ ‬تتوالد‭ ‬وتتنوع

بعد‭ ‬انقضاء‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬على‭ ‬التنابيه‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالسواح…