2024-10-25

الخبير الأقتصادي عبد الباسط السماري : تعديل جدول الضريبة على الدخل له تداعيات خطيرة على الاقتصاد

أثار إجراء التعديل في جدول الضريبة على الدخل الذي تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2025 ردود فعل متباينة بين مرحب بالإجراء خصوصا ممن سينتفع بمقتضاه بزيادة في الأجر وبين رافض له باعتباره لم يحقق المطلوب وبين هذا وذاك يقر أغلب المختصين في الشأن الاقتصادي بتواصل عدم وضوح الرؤيا وهيمنة الفكر الجبائي على مشروع قانون المالية عامة في غياب تام لقراءة خطورة تداعياته على موارد الدولة وعلى الوضع الاجتماعي عامة. فِي هذا الإطار رجح عبد الباسط السماري المختص في التنمية المستدامة  إمكانية ان يتسبب مشروع قانون المالية لسنة 2025 في تفاقم الركود التضخمي للاقتصاد التونسي  وذلك بسبب قلة العرض الناتج عن قلة الانتاج الناتج بدوره عن قلة الاستثمار وهوما يسبب أيضا أزمة في الطلب و بالتالي ارتفاع  التضخم من جديد ، ووصف بذلك  مشروع القانون المعروض على أنظار مجلس النواب بالسيّئ ، لانه يكبح حسب رأيه محركين اساسيين للاقتصاد وهما الاستهلاك والاستثمار بما ان الاستثمار السليم هو المرتكز على الادخار الذي تخلقه بنسبة هامة الطبقة الوسطى التي فُقّرت واضمحلت في تونس بسبب الاوضاع الاقتصادية الخانقة  .

ورأى بالتالي  ان حلحلة الازمة تتلخص في امرين ملحين أولهما التقليص من نسبة الضريبة على دخل الأفراد مقابل التخفيض من مزانية الدعم (20% من نسبة الضريبة على الدخل مقابل 10 مليار دينار دعم) وثانيهما التركيز على تقليص العجز الطاقي بكل الوسائل حتى يتقلص العجز التجاري ويتعافى الدينار وترتفع المقدرة الشرائية للمواطن مع التذكير ان المقدرة الشرائية لخمسين الف دينار في 2010 أقوى من المقدرة الشرائية لمائة الف دينار حاليا واوضح ان الحكومة في كل الأحوال ليس لديها ما تخشاه من هذه العملية فكل ما ستقدمه الدولة باليمين (التخفيف من الضريبة على الدخل) ستأخذه باليسار في شكل ضرائب على القيمة المضافة وعلى المرابيح وغيرها.. وسيمكن هذا  التعديل في نسب الضريبة على دخل الأفراد الطبقة الفقيرة من الاستهلاك بشكل أفضل كما سيمكن الطبقة المتوسطة من الادخار، وهو ما من شأنه تعزيز الاستثمار لأن الطلب سيدفع العرض بشكل طبيعي وهو ما سيؤدي بطبعه  إلى النمو .

من جهته أكد رضا الشكندالي أن من اقترح هذا التحوير في جدول الضريبة على الدخل ظنا منه أن هذا المقترح يخدم العدالة الإجتماعية، فهو لا يعرف شيئا عن الواقع التونسي  وما يلزمه من دخل حتى يكفي حاجياته البسيطة نظرا لانهيار المقدرة الشرائية للمواطن التونسي. اذ ان أكبر منتفع من هذا الإجراء هم الشريحة ما بين 5000 دينار و10000 دينار في السنة أي على أقصى تقدير 833 دينار خام وتقريبا 650 دينار صافية، وستكون الزيادة حسب التقريب ما بين 40 و60 دينارا في الشهر بما أن التخفيض في الأداء المقترح هو من 26 في المائة الى 15 في المائة. هذه الفئة من الشعب التونسي والتي تمحور حولها الإجراء قصد تكريس مبدإ العدالة الاجتماعية ليست بالطبقة المتوسطة بل طبقة مفقرة وتستحق مثل هذا الإجراء لكن أكبر متضرر منه هم الشريحة ما فوق 40 الف دينار في السنة أي ما فوق 3300 دينار في الشهر خام، ويمكن ان يفوق التخفيض في أجرهم ما يقارب 100 دينار في الشهر ، وبالنسبة للشريحة العليا وهي الطبقة المتوسطة فهي المتضررة الأولى من هذا الإجراء بما أن الزيادة في الأداء هي ما بين 4 و5 نقاط كاملة. ومعلوم ان تضرر الطبقة الوسطى في مجتمع ما يفقد الاقتصاد محركا مهما من محركاته، وهو الوحيد الذي ما يزال يشتغل بالرغم من محاولة تعطيله من طرف البنك المركزي بنسب فائدة مرتفعة. هذا الإجراء سيكون القطرة التي ستفيض الكأس في سلسلة الاجراءات التي تسببت في الركود الاقتصادي الذي نعيشه اليوم وما عدا ذلك لا تغيير في الشرائح الأخرى .

وحذر  الشكندالي من تمرير هذا الإجراء في البرلمان، لانه لن يخدم العدالة الإجتماعية بل سيوزّع المزيد من الفقر للتونسيين وسيدفع الكفاءات التونسية الى التشبث بالهجرة كحل وحيد لتحسين مقدرتهم الشرائية بعد فقدان الأمل في تحسين أوضاعهم المعاشية في بلادهم  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في إطار رقمنة  الخدمات: منصة الكترونية لإيداع ملفات تسجيل التداولات في البورصة تنطلق منتصف أكتوبر

ينتظر ان تنطلق منتصف اكتوبر الحالي بورصة تونس للأوراق المالية في استخدام المنصة الالكتروني…