2024-10-25

الإطاحة بأكثر من 200 مروّج من الحجم الثقيل : عملية أمنية موسّعة ضربت بقوة بارونات المخدرات

في عملية أمنية نوعية، أعلنت أول أمس وزارة الداخلية عن القبض على أكثر من 200 مروج مخدرات من الوزن الثقيل ضمن عمليات واسعة شملت مختلف مناطق البلاد، وتأتي هذه الحملة في وقت حساس تشهد فيه تونس تفشيا غير مسبوق لظاهرة المخدرات التي باتت تهدد استقرار المجتمع ومستقبل شبابه.

وبينما لاقى هذا التحرك الأمني ترحيبا من الرأي العام، تطرح تساؤلات حول توقيت هذه العمليات وما إذا كان من الممكن أن تتم في وقت سابق للحد من هذه الآفة قبل تفشيها بهذا الشكل الخطير.

وقد أسفرت هذه العمليات الأمنية عن إيقاف عدد كبير من المروجين الذين ينشطون في عدة  أحياء، ما يعكس مدى انتشار تجارة المخدرات باختلاف أنواعها وشرائحها الاجتماعية. وتم ضبط كميات كبيرة من القنب الهندي « الزطلة» والحبوب، بالإضافة إلى مواد مخدرة خطيرة مثل الكوكايين، ما يشير إلى حجم السوق السوداء وتعدد شبكات التهريب النشطة في البلاد.

ويعد هذا الإنجاز الأمني خطوة إيجابية في مكافحة المخدرات، خاصة بعد تزايد الضغط المجتمعي لمواجهة هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد الحياة اليومية للمواطنين وتؤثر بشكل مباشر على السلم الاجتماعية.

ورغم أهمية هذه العملية، يتساءل كثيرون لماذا لم تُطلق هذه الحملات في وقت أبكر؟ فقد عانت تونس على مدى السنوات الأخيرة من انتشار المخدرات بشكل كبير جدا، لا سيما بين المراهقين والشباب داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها وفي مختلف الأحياء . و في ظل ذلك، يشعر كثيرون بأن التحرك الأمني جاء متأخرا، بعد أن تمددت الشبكات الإجرامية في مختلف المناطق.

وقد يكون تأخر العمليات الأمنية ناتجا عن عدة عوامل، من بينها ضعف الموارد الأمنية والضغوط الاجتماعية التي حالت دون تنفيذ تدخلات أكثر فعالية في مراحل مبكرة،كما أن بعض الجهات الأمنية كانت تركز جهودها على قضايا أخرى مثل الإرهاب والهجرة غير النظامية، مما سمح لشبكات الاتجار بالمخدرات بالتوسع في غياب رقابة صارمة.

وتشير عدة دراسات إلى أن بعض المؤسسات التربوية أصبحت فضاء لترويج المخدرات بين التلاميذ والمراهقين  في ظل ضعف التوعية والرقابة كما زادت حالات الإدمان بشكل كبير  ما أثر على تماسك الأسر.

ويبقى السؤال الآن حول ما إذا كانت هذه الحملة الأمنية مجرد تحرك ظرفي أم بداية لسياسة يتم تنفيذها على المدى الطويل لمكافحة المخدرات في تونس، فالقبض على المروجين لا يكفي وحده للحد من هذه الآفة، بل يجب تعزيز الرقابة على الحدود وتفكيك شبكات التهريب الكبرى التي تزود السوق بالمخدرات بمختلف أنواعها .

كما يجب اطلاق برامج توعوية موجهة للشباب والمراهقين، بالتعاون مع المؤسسات التربوية والمجتمع المدني، لتقليص الإقبال على المخدرات. كما يتطلب الأمر تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية بشكل مستدام لضمان عدم عودة المروجين للنشاط بمجرد انتهاء الحملة.

لا شك أن القبض على أكثر من 200 مروج  يمثل خطوة مهمة، لكنه يكشف في الوقت نفسه عن حجم التحدي الذي تواجهه البلاد في معركتها ضد  هذه الآفة. ورغم أن هذا التحرك الأمني كان يمكن أن يحدث في وقت مبكر، فإن مواصلة الجهود وعدم الاكتفاء بهذه الحملة سيكون المفتاح لتحقيق نتائج ناجعة. إذ يتطلب إنقاذ الشباب من براثن الإدمان مجهودات مشتركة على جميع الأصعدة  وذلك بهدف  ضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة  ومجتمع خال من هذه الآفة التي تنخر المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس الغرفة الوطنية لتجار الدواجن واللحوم البيضاء ابراهيم النفزاوي لـ«الصحافة اليوم» : أزمة اللحوم البيضاء في اتجاهها للإنفراج

تعرف الأسواق التونسية خلال الآونة الأخيرة اضطرابا في التزوّد باللحوم البيضاء أرجعها رئيس ا…