القانون عدد 30 لسنة 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي : الإصلاح ضروري لمواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمع، يبرز النقاش حول ضرورة مراجعة التشريعات القديمة، ومن بينها القانون عدد 30 لسنة 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي الذي أقرّ نظام منح لفائدة الأطفال يتمتع بها الأجير. ورغم الأهداف الاجتماعية التي سعى هذا القانون إلى تحقيقها عند صدوره، إلا أن التحولات العميقة التي شهدها المجتمع خلال العقود الماضية تجعل تطبيقه اليوم غير فعال، بل بات غير ملائم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية .
ولا بد من التذكير ان القانون عدد 30 لسنة 1960 صدر في سياق سعت فيه الدولة انذاك إلى دعم الأسرة التونسية من خلال منح موجهة للأطفال في إطار تعزيز استقرار الأسر وتقليل الفوارق الاجتماعية. ويتمثل هذا القانون في تخصيص منح للأطفال وفق عددهم، بهدف ضمان حد أدنى من المساهمة في مصاريف العائلة.
وتتمثل المنحة لكل طفل في حوالي 20 دينارا كل ثلاثة اشهر ، اذ يتمتع الأجير بحوالي 18 بالمائة من الدخل اي في حدود 21,960 دينارا بعنوان الطفل الاول و بـ16 بالمائة من الدخل ( في حدود 19,520) بعنوان الطفل الثاني وفي حدود 17,080 دينارا بعنوان الطفل الثالث.
إلا أن هذه المنح لم تخضع إلى اي مراجعة جذرية تتلاءم مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها البلاد، ما جعل قيمتها الحقيقية تتلاشى مع مرور الوقت. فقد ازدادت كلفة الحياة بشكل كبير جدا خاصة خلال السنوات الأخيرة، مما جعل هذه المساعدات الرمزية غير قادرة على تغطية اي من الحاجيات الأساسية التي يستوجب توفرها .
منح لا تتماشى مع متطلبات العصر
وتظهر إشكالية هذا القانون في ارتباطه بنموذج اجتماعي قديم ويتجاهل الواقع الجديد الذي بات يفرض نفسه في المجتمع حيث لم يتم تحيين قيمة هذه المنح لتتماشى مع نسب التضخم المتصاعدة وغلاء المعيشة. فالأسرة التونسية اليوم تواجه تحديات كثيرة تتجاوز القدرة الشرائية، من بينها تكاليف التعليم والصحة والمسكن إضافة إلى الأعباء اليومية، وهي تحديات تتطلب دعمًا أكثر استدامة وأعمق تأثيرًا.
وفي سياق تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة حول ضرورة تعديل القوانين والتشريعات القديمة، يبرز القانون عدد 30 لسنة 1960 كأحد التشريعات التي باتت تستدعي مراجعة جذرية . ويُفترض أن تكون هذه المراجعة جزءا من إصلاح شامل يستجيب للتطورات الحاصلة في المجتمع، ويعيد التفكير في سبل دعم الأسرة بشكل يتماشى مع المتطلبات الحالية.
ويمكن استبدال هذه المنح التقليدية ببرامج جديدة تستهدف دعم الأطفال في التعليم والصحة، فذلك من شأنه أن يعزز التكافؤ الاجتماعي ويحسن جودة حياة الأسر بشكل أكثر استدامة.
القانون عدد 30 لسنة 1960، رغم دوره في مرحلة سابقة، فإنه أصبح اليوم غير قادر على الاستجابة لاحتياجات الأسر التونسية في ظل التحولات المتسارعة. لذا، يجب على السلطات أن تضع هذا القانون ضمن أولويات الإصلاحات المنتظرة، بما يتماشى مع توجهات الدولة لتحديث التشريعات وضمان عدالة اجتماعية أعمق. فمراجعة هذا القانون ليست مجرد حاجة تشريعية، بل خطوة حتمية نحو بناء منظومة دعم عائلية تتماشى مع العصر وتضمن حياة كريمة لجميع التونسيين.
نقائص حادة في البنية التحتية للمؤسسات التربوية : أزمة تهدّد جودة التعليم في المدن… والأرياف أشدّ قسوة
ما تزال البنية التحتية للمؤسسات التربوية في تونس تمثل إحدى المسائل الرئيسية التي تعيق تطوي…