2024-10-23

من منقذ.. فَمُلْهِمٍ إلى غير مرغوب فيه كاردوزو ضحية حساباته الدفاعية

 تغيّرت وضعية المدرب ميغيل كاردوزو من منقذ ثم ملهم الى منبوذ من أغلب جماهير الترجي التي صبّت جام غضبها على البرتغالي في أعقاب الهزيمة ضد ترجي الجنوب وهي الأولى في الموسم غير أن تداعياتها كانت وخيمة حيث أغلقت صفحة «الودّ» بين الطرفين وأعادت الفريق الى المربع الأول والذي ظنّ الجميع أن فريق باب سويقة تجاوزه مع كاردوزو الذي قدّم أوراق اعتماده سريعا ونجح في ظرف ستة أشهر في إعادة الهيبة المفقودة وحقّق لقب البطولة كما اقترب من التربع على عرش القارة قبل أن تنقلب المعطيات رأسا على عقب في بداية الموسم الجديد.

ويعيش كاردوزو سيناريو روتينياً في عالم المدربين باعتبار أنه المسؤول الأول عن النواحي الفنية التي يسأل عليها كثيرا في الجولات الأخيرة وأدت الى تردي النتائج ما يجعل قرار القطيعة حتميا في ظل الضغوطات التي تحاصره وقد تجعل بقاءه إهدارا للوقت قبل شهر من اقتحام رابطة الأبطال التي قدّمت المدرب البرتغالي كأفضل ما يكون، وقد لا يعني تمديد عقد كاردوزو الى غاية جوان 2026 الكثير بحكم أن مصيره مرتبط منذ البداية بالنتائج في غياب مشروع رياضي واضح ومراهنة الترجي الدائمة على الألقاب والتي تجعل كل اسم يشرف على حظوظه مطالبا بالانتصارات ولا شيء غيرها.

سيناريو العادة

قبل موسم تقريبا، عاش صانع التتويجات التاريخية معين الشعباني نفس السيناريو الذي يعرفه كاردوزو حيث غاب الإقناع وكان الأداء شاحبا ليطيح به التعادل في رادس مع الديوانة البوركيني ويخلفه المدير الرياضي طارق ثابت الذي قدّم معه الترجي مستويات عالية في الدوري الافريقي غير أن تذبذب النتائج في دور المجموعات في رابطة الأبطال عجّل بنهاية مشواره ليأتي الحلّ من «القارة العجوز» وتفرض المدرسة البرتغالية نفسها بقوة معيدة الترجي بقيادة كاردوزو الى الطريق الصحيحة ويصبح سريعا المدرب الذي طال انتظاره.

وذاق كاردوزو من نفس الكأس التي شربها من سبقوه على رأس الترجي حيث تراجعت نتائج الترجي في الجولات الأخيرة رغم أنه لم يصطدم بعقبات صعبة قياسا بالفوارق الكبيرة التي تفصله عن المنافسين كما تزامن ذلك مع أداء مخيّب لا يليق بقيمة الأسماء الموجودة ليفشل المدرب البرتغالي في التوفيق في المعادلة الصعبة والمفروضة في فريق باب سويقة رغم أن الحصيلة منذ توليه المهمة جيدة فمن مجموع 26 مباراة تفوّق «الأحمر والأصفر» في 15 وتعادل في سبع مقابل أربع هزائم.

شبح

أصبح الترجي الرياضي في الجولات الأخيرة «شبحا» لنفسه وهو ما يترجمه الفشل في خلق أي فرصة واضحة في مواجهة الترجي الجرجيسي وتواصل اهتزاز شباكه والذي يدّل على تراجع واضح على مستوى المنظومة الدفاعية وتبرزه الأرقام حيث قبل 10 أهداف في 19 مباراة خلال الموسم الفارط مقابل 6 في سبع خلال الموسم الجاري ليكون من الطبيعي أن تتراجع النتائج مع غياب الثوابت التي قادت كاردوزو للنجاح في بداية مسيرته مع الفريق، وأكدت المواعيد الأخيرة أن الانتصارات الباهرة في مطلع الموسم كانت «خداعة» باعتبار أن التأكيد لم يحصل ليجد الترجي صعوبات في فرض أسلوبه المعتاد داخل القواعد وخارجها بسبب التعنّت في بعض الاختيارات وغياب أسلوب هجومي واضح فضلا عن عدم خلق «مرونة» تكتيكية من شأنها تأكيد الأفضلية المطلقة على المنافسين الذين كانوا في المتناول قياسا بما وفّرته الإدارة من انتدابات أثرت جميع الخطوط ووسّعت هامش الاختيار رغم التفاوت في القدارات بين الوافدين الجدد.

ولا يمكن أن يتحمّل كاردوزو المسؤولية كاملة في الوجه الشاحب في ظل مرور الركائز بفترة فراغ طال أمدها والثقة الزائدة التي ورّطت عديد الأسماء البارزة فضلا عن الضعف الواضح في بعض المراكز على غرار الرواقين الدفاعيين وكلّها عوامل زادت في تعقيد الموقف مع فشل الاطار الفني في إعادة الأمور الى نصابها حيث ارتكب عديد الأخطاء التي زادت في تضييق الخناق عليه وحوّلته من مدرب يحظى بإجماع تام إلى إسم غير مرغوب في بقائه.

قانون اللعبة

لا يمكن محو الإيجابيات التي طبعت مسيرة كاردوزو الذي نجح في إعادة البريق إلى الترجي عندما قاده الى الدور النهائي لكأس رابطة الأبطال الذي حُسم من هدف وحيد رجّح كفّة الأهلي المصري لتنسج الفرق المراهنة على الأدوار الأولى في تونس على منوال فريق  باب سويقة بالتعاقد مع مدربين أجانب على أمل تكرار نجاحاته التي سرعان ما تحوّلت في نظر بعض الجماهير إلى ضربة حظ ما يؤكد «الانطباعية» التي تطغى على المشهد الكروي في تونس، ودفع كاردوزو ثمن قانون اللعبة، فالضحية الأولى عندما لا تكون النتائج في قيمة التطلعات هو المدرب مهما كانت إنجازاته أو أرقامه لكن سوء التصرف في الرصيد البشري والأسلوب الدفاعي وكذلك غياب الانضباط حسب بعض التأكيدات كلّها عوامل تجعل المدرب البرتغالي على أبواب الخروج عاجلا أم آجلا بحكم أن تثبيته لا يعني منحه صكا على بياض فأي عثرة ستعلن إقالته التي أصبحت على ما يبدو تحصيل حاصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد عودة الهدوء : خــــطــــــة مـــــتــــــوازنـــــة للــــغـــــرايـــــري

استأنف المدرب غازي الغرايري مهامه بصفة عادية يوم الخميس بعد أن لوّح بالانسحاب في أعقاب رفض…