على هامش إعادة افتتاح مسبح البلفدير : نحو تجاوز العطالة في كل القطاعات
عادت الروح من جديد الى المسبح البلدي بالبلفدير وقد تم افتتاحه رسميا في هيئته الجديدة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي كان قد زاره في أواسط شهر فيفري الماضي وقد استنكر وقتها الوضعية التي وجده عليها وحمّل المسؤولية لكل المشرفين على هذا المعلم الرياضي والتاريخي والحضاري الموجود في قلب العاصمة وأمر حينها بإعادة تهيئته وهي المهمة التي أوكلها الى الهندسة العسكرية التي قامت بالمهمة على الوجه الأكمل في ظرف قياسي شعارها في ذلك السرعة والنجاعة.
وقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مسبح البلفدير في شكله الجديد المتميز وكذلك ساحة باستور التي تمت تهيئتها كذلك لتبدو في حلة جديدة بالغة الجمال ليتغير بذلك وجه أحد المعالم الكبرى للعاصمة التونسية ذات التاريخ والاشعاع وذلك في وقت قياسي مع العمل بصمت وبعيدا عن الصخب ودونما إشكاليات تذكر.
هنا نحن أمام وضعية تستحق التأمل والتدبر فالمرحلة الجديدة التي تعيشها تونس والتي عنوانها البناء والتشييد من المهم ان تكون متسقة مع ما وسمت به وان تكون بلادنا في الأيام القليلة القادمة «ورشة عمل» مفتوحة من أجل تطوير البنية التحتية وتغيير وجه البلد بالاعتماد على الكفاءات والنأي عن كل التعطيلات التي رافقت عديد المشاريع الكبرى لاسيما المسائل الإجرائية ودوائر الفساد التي تنخر عديد المؤسسات مما جعل المشهد التونسي يتسم بالعطالة بشكل عام.
فماذا لو جعلنا افتتاح مسبح البلفدير من جديد منطلقا لهذه المرحلة مع اعتماد كلمة مفتاح وهي النجاعة وتكليف المسؤولين بناء على مهاراتهم وجديتهم وتفانيهم في العمل وتعففهم حتى لا يكونوا من أولئك الذين تسيل الصفقات العمومية لعابهم ولا يفكرون سوى في جني الأرباح الشخصية من هذا المشروع أو ذاك. وليكن ما قامت به الهندسة العسكرية درسا يتعلم منه الجموع روح التفاني والجدية وتحمّل المسؤولية التي مع الأسف تنقص الكثير من الذين يتبوؤون مناصب مهمة ويبحثون عن الامتيازات دون تضحية أو بذل جهد.
وعلى هؤلاء بالذات أن يدركوا ان هناك مرحلة جديدة تقطع مع كل ممارسات الزبونية وما يرافقها من غنائم يتم تقاسمها وفق قاعدة الولاء وهو ما جعل ظاهرة الفساد تسري كالنار في الهشيم.
إذن بقدر ما ساهم افتتاح مسبح البلفدير من جديد وتهيئة ساحة باستور في تغيير وجه أحد معالم تونس العاصمة نحو الأفضل والأجمل بقدر ما تزال بلادنا في حاجة ماسة الى تحسين وتطوير معالمها القديمة وتشييد الجديد من اجل ضمان جودة الحياة.
فمعلوم ان بلادنا عادت الى الوراء على مختلف الأصعدة طوال ما يزيد عن العقد من الزمن وتوقفت فيها عجلة التنمية والبناء ومضى الفاعلون السياسيون الذين تداولوا على الحكم الى الاهتمام بقضايا سياسوية لا علاقة بانتظارات المواطنين وحاجياتهم الأساسية ولا صلة لها برهانات التطوير والتعصير التي تحتاجها تونس.
وبالتالي نحن مدعوون اليوم الى ان نجعل من بلادنا ورشة عمل حقيقية ينطلق أبناؤها جميعا نحو المستقبل بعزيمة وإرادة ورغبة في تحسين الأوضاع مع الاستعداد لبذل التضحيات اللازمة شريطة ان تكون المساواة مطلقة بين التونسيين في هذا الخصوص وان تحدث القطيعة النهائية مع كل الممارسات التي ضجر منها الشعب التونسي على امتداد عقود من الزمن والتي كانت سببا مباشرا في تبرّمه وثورته وعزوفه عن الشأن العام.
ولأن الأوضاع المعيشية للتونسيين صعبة جدا فلابد من الاهتمام بالمجال الاقتصادي وتحفيز الاستثمار داخليا وخارجيا لمجابهة التضخم وتحسين المقدرة الشرائية الذي هو منطلق حلحلة الوضع القائم وبه فقط يتحقق الإقلاع المنشود.
حرب الإشاعات ومخاطرها على الدولة والمجتمع : الاحتياط واجب.. واليقظة حتمية
بلادنا تحاول لملمة ما تشتت وترميم ما تم تخريبه وإصلاح ما وقع افساده في سياق إقليمي وعالمي…