2024-10-20

اليوم الذكرى 197 لنشأة العلم التونسي رمز السيادة الوطنية وعنوان وحدة وانتماء..

الصحافة اليوم: سناء بن سلامة

يوافق اليوم الاحد 20 أكتوبر 2024 الذكرى 197 لنشأة العلم التونسي، الذي يمثل الرمز الحي لكيان الدولة وعنوانها وهيبتها وسيادتها. وهو المعبر عن وحدة الوطن وتماسك مقوماته.ويعد العلم التونسي من أقدم الأعلام العربية والمغاربية من حيث التأسيس، إذ يعود تاريخ تصميمه واعتماده إلى 20 أكتوبر 1827.

ويحمل العلم التونسي في طياته تاريخا طويلا حافلا بالملاحم والبطولات. وهو الشاهد الحي على سجل شعب بأكمله، خلّد عبر العصور رسالة حضارية بنيت على القيم الإنسانية المثلى لتنحت من تونس ارضا انصهرت في أديمها الحضارات. وتعد الرموز والألوان التي يتميز بها علم بلادنا ضاربة في التاريخ. ولئن أكد بعض المؤرخين ان الألوان المكونة لعلمنا كلون القماش الأحمر والدائرة البيضاء التي تحتوي على الهلال والنجم من اللون الأحمر هي في الأصل علامات اشتهرت بها الحضارة القرطاجنية، فالواقع ان البلاد التونسية منذ الحاقها بالخلافة العثمانية سنة 1574 اعتمدت العلم التركي آنذاك، وهو الراية الحمراء التي أضيف اليها في مابعد نجمة بيضاء يحيط بها هلال ابيض.

ويرجع تاريخ العلم التونسي في شكله الحالي الى عهد حسين باي الثاني، وهو ثامن باي حكم تونس خلال الفترة الممتدة بين 1824 و1835. فبعد انهزام العثمانيين في معركة نافرين سنة 1827، فكر هذا الباي في استنباط علم جديد خاص بالبلاد التونسية للتمييز بينها وبين بقية الولاية العثمانية. وحتى يتجنب ردود فعل الدولة العثمانية، اقتبس العلم الجديد من الراية التركية ذاتها، فتم الاحتفاظ باللون الأحمر مع إضافة قرص ابيض في وسط العلم وتغيير لون النجمة والهلال من الأبيض الى الأحمر.

من الاحتشام الى الثبات…

وقد ظهر العلم التونسي في السنوات الأولى من نشأته بصفة محتشمة الى ان خلف احمد باي سنة 1837 مصطفى باشا باي على عرش البلاد. وقد كان همه هو السيادة التونسية وإبراز مظاهر استقلال البلاد تجاه الباب العالي. وكان كل نشاط أحمد باي موجّها الى بهرج القوة العسكرية، فأمر بتوزيع العلم ذي الهلال الأحمر على كافة الافواج التونسية، كما امر برفع العلم التونسي المتميز عن العلم التركي على واجهات المصالح الحكومية والبواخر الحربية والتجارية. ورغم تحفظ الخلافة العثمانية على ذلك الا ان هذا الباي تمسك بموقفه واستمر الامر على حاله مع كل من محمد باي ومحمد الصادق باي.

وعند انتصاب الحماية الفرنسية في 12 ماي 1881 لم تتجرأ القوات الفرنسية على الغاء العلم التونسي، لكنها فرضت رفع العلم الفرنسي الى جانبه تطبيقا لمبدإ السيادة المزدوجة. وقد ثبتت الحركة الوطنية التونسية العلم التونسي وظلت متمسكة به خلال جميع مراحل الكفاح التحريري رغم محاولة السلط الفرنسية منع التونسيين من رفعه اثناء التظاهرات والاحتفالات الوطنية. وغداة استقلال البلاد وإعلان الجمهورية قرر المجلس القومي التأسيسي آنذاك بالإجماع الحفاظ على العلم الوطني في الشكل الذي استنبطه حسين باي الثاني، وأقرّه احمد باي في النصف الأول من القرن التاسع عشر باعتباره رمزا للسيادة التونسية على مدى السنين والاحقاب.

وقد ضرب الشعب التونسي أروع الأمثلة في التضحية والفداء من اجل عزة الوطن وتحقيق استقلالها وخاض كل المعارك الضارية للدفاع عن حرمة البلاد ومناعتها. فتوغل منذ انتصاب الحماية في كفاح مرير ضد المستعمر، وحرص على امتلاك مقومات القوة والتصدي للمستعمر واستمات للحفاظ على شرفه وكرامته. واظهر الشعب في مختلف الحقبات عبقرية نضالية فريدة من نوعها، تتمثل في قداسة التضحية والصمود على درب الكفاح من اجل الحرية والانعتاق.

وبفضل هذا الصمود اضطرت الحماية الفرنسية بقبول مبدإ حق التونسيين في تقرير مصيرهم واعترفت باستقلال البلاد التام في 20مارس 1956. وفي غمرة حراك الشعب النضالي ضد المستعمر كان العلم التونسي خفاقا على الدوام وتواصلت رفرفته الى يوم الناس هذا، ليمثل رمزا حيا للبطولات ولأروع التضحيات معبرا عن وحدة المناضلين والمقاومين ولحمتهم القوية في صفاء ومحبة وعزم لا يلين على وضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار.

ألوان وأشكال ومعان…

وقد نص الفصل الرابع من دستور 1959 على أن «علم الجمهورية التونسية أحمر تتوسطه دائرة بيضاء بها نجم ذو خمسة اشعة بها هلال احمر». ويشير اللون الأحمر الى التضحية والجهاد والفداء تخليدا للنضال الوطني ووفاء لدماء الشهداء وأرواحهم الطاهرة. كما يعبر عن استمرارية الاستعداد للدفاع عن الوطن وصيانة حرمته والموت من اجل ان يبقى حرا مستقلا منيعا ابد الدهر. اما اللون الأبيض فيرمز الى الصفاء والسلم والتآخي وتثبيت هذه القيم في العلم الوطني بما يعني تأصلها في الشعب التونسي.

وفي ما يخص الرسوم التي يحملها العلم التونسي فان النجم الأحمر المخمس يرمز الى قواعد الإسلام الخمسة والى اعتزاز التونسيين بالحضارة الإسلامية وعزمهم على صيانة حرمة الدين. اما الهلال الأحمر فيرمز الى الفتوحات الإسلامية، وبالتالي الى خارطة العالم العربي الإسلامي ويعبر على انتساب تونس الى العروبة والإسلام وكلها مبادئ منصوص عليها في الدستور.

ويجدر التذكير بانه لكل دولة اليوم علما مميزا يعرف باسمها في المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة، حيث تخصص له سارية امام مبنى هذه الهيئة الدولية ليرفع أعلاها. ولكل دولة الحق في رفع علمها على بواخرها وسفاراتها وقنصلياتها، كما ان لسفيرها وممثلها الحق في ان يرفع علما صغيرا على سيارته للتعريف بنفسه. وأصبحت الأعلام في كل دول العالم محمية بقوانين تقضي باحترامها وتحدد أنظمة استعمالها في المناسبات الرسمية والشعبية وتؤكد عدم السماح لأحد بإدخال أي تحوير على قياساتها أو إضافة أي رسم أو كتابة على أشكالها. كما منعت هذه القوانين استغلال الأعلام لأغراض شخصية أو تجارية، ووضعت الأصول التي تنظم رفعها وانزالها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة

كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…