تونس والجزائر قصة شعبين وبلدين تقاطع مصيرهما في اكثر من محطة وساهمت مشيئة التاريخ والجغرافيا في أن تكون الروابط بينهما عميقة ومتجذّرة.

هذه الكلمات ليست من قبيل الترف اللغوي بقدر ما  هي أمر واقع من المهم ان يكون البلدان الشقيقان على أتم الوعي به.

فالأكيد ان وشائج القربى كبيرة و راسخة وممتدة عبر الزمن هذا على المستوى التاريخي أما بالنسبة الى الراهن فإن الفاعلين السياسيين   في البلدين تحدوهم عزيمة كبرى من اجل تطوير هذه العلاقات وتعزيزها في كل المجالات والقطاعات.

ورغم ان هذا القول لا يحتاج الى مناسبة لنذكّر به إلا أن الإشارة اليه تتنزل في إطار استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيد لوزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب والذي جاء بصفته مبعوثا خاصا محمّلا برسالة خطية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الى رئيس الدولة. وهي بمثابة دعوة لحضور احتفالات الشعب الجزائري الشقيق بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة الجزائرية.

وللاعتبارات التي ذكرناها آنفا كان لقاء رئيس الجمهورية بالمسؤول الجزائري فرصة سانحة من أجل التأكيد على عمق الروابط التاريخية بين شعب واحد في بلدين هما تونس والجزائر وفق ما جاء في نص بلاغ رئاسة الجمهورية.

وليس هذا فقط فالوقائع الراهنة تفرض مزيدا من تطوير هذه العلاقات ودعمها وتعزيز إمكانات التعاون المثمر بين البلدين.

فبقدر ما اجتمع التونسيون والجزائريون في محطات تاريخية ونضالية مهمة جدا وبقدر التحامهم  في مواقف كثيرة بلغت ذروتها في معركة التحرر الوطني من ربقة المستعمر الفرنسي واختلطت الدماء التونسية والجزائرية ولعل ملحمة ساقية سيدي يوسف هي العنوان الدال على العلاقة المتينة بين بلدينا وشعبينا اللذين واجها المحن معا في أكثر من واقعة خلّدها تاريخنا المشترك بأحرف من نور،فاليوم يتطلع الجميع إلى علاقات بينية استثنائية بين بلدين جارين وشقيقين وما يجمعهما اكثر بكثير مما يجمع كل منهما مع اطراف أخرى.

وبقدر ما كانت تحديات الماضي كبيرة خاصة في معركة التحرر بقدر ما تبدو رهانات اليوم خطيرة أيضا ولا يستهان بها ولذلك نحتاج الى توطيد عرى التعاون المثمر بيننا.

فالمتأمل في واقعنا الإقليمي المشتعل وفي الحروب الدائرة هنا وهناك وفي البؤر المتوترة وارتفاع منسوب العنف والتصعيد حولنا يجعلنا نفكر بشكل استشرافي معا بما فيه خير البلدين والشعبين.

والأكيد أيضا أن الإرادة السياسة اليوم متوفرة وربما أكثر من أي وقت مضى من أجل دعم التعاون وتوحيد المواقف وقد تجلى هذا في اكثر من مناسبة وفي أكثر من تصريح سواء لرئيس الجمهورية قيس سعيد أو الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والواضح ان كلا الرئيسين تحدوهما العزيمة من أجل استثمار الروابط المتينة بشكل ملموس.

وكما أسلفنا فإن التحديات الكبيرة سياسيا واقتصاديا وأمنيا ،  التي تواجهنا اليوم  لا تقل أهمية أو خطورة عن المعارك التي خضناها في الماضي  وتضامن الشعب التونسي وشقيقه الجزائري في مواجهتها وبالتالي فإن الحاجة الى التضامن العضوي وإلى تعزيز فرص التعاون والسعي الى التكامل خاصة في المجالات الاقتصادية الحيوية هو أمر حتمي ويصبّ في مصلحة البلدين والشعبين ومن المهم التفكير والتدبر بعمق في شأنه.

ولعل احتفالات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة تكون مناسبة ليلتقي رئيس الجمهورية قيس سعيد نظيره الجزائري عبد المجيد تبون ويتم التطرق الى كل هذه المسائل الآنية الفائرة.

و معلوم أن هذه الاحتفالات هي احياء لذكرى اندلاع الثورة التي انطلقت الشرارة الأولى لها  في الفاتح من نوفمبر عام 1954 بعد حوالي 123 سنة من الاستعمار الفرنسي الذي بسط نفوذه عليها عام 1830.وتوجت هذه الثورة بإعلان الاستقلال عام 1962.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس داعمة ومتضامنة دوما  مع فلسطين..!

أي سبل لمجابهة الكارثة الإنسانية في  غزة؟ وما هي التدابير اللوجستية الضرورية لإدخال المساع…