2024-10-20

للحدّ من جرائم تقتيل النساء : حزمة القوانين والتشريعات بحاجة إلى الدعم والتفعيل

طفت على السطح مجددا ظاهرة كثيرا ما أرقت المجتمع وهي تقتيل النساء وآخرها جريمة القتل التي ذهبت ضحيتها صيدلانية على يد زوجها وتحصنه بالفرار، وإن تعددت الأسباب المؤدية لارتكاب مثل هذه الجرائم الشنيعة واختلفت فإن تواترها يطرح العديد من التساؤلات حول ارتفاع منسوب الجرائم في تونس بشكل عام وجرائم تقتيل النساء بشكل خاص وكيف يمكن التصدي لمثل هذه الظواهر التي تهدد سلامة الأسرة والمجتمع؟

يعتبر مختصون في علم الاجتماع أن جرائم قتل النساء تختلف عن بقية جرائم القتل لكونها تتغذى بخلفية جندرية توهم الجاني بأحقية وصايته على الضحية وجسدها، ما يمنحه نوعا من المشروعية الاجتماعية التي تخول له في مرحلة أولى الاقدام على الجريمة ثم تمنحه في مرحلة ثانية ما شاء من الأعذار والمبررات الواهية.

ويبدو أن ترسانة القوانين والتشريعات التي وضعت لفائدة المرأة التونسية لم تعد كافية لمنحها حق الحياة ، حيث مازالت مؤشرات قراءة واقع المرأة في تونس سلبية في ظل مجتمع يغلب عليه الفكر الذكوري، ولعل الأرقام المعلن عنها من قبل الجمعيات والمنظمات النسوية تظهر ارتفاعا مقلقا في جرائم قتل النساء في تونس، مما يدعو إلى مراجعة شاملة للظروف الاجتماعية والقانونية التي تساهم في هذه الظاهرة حيث سجلت تونس 23 حالة لتقتيل النساء في سنة 2022 ليرتفع العدد إلى 25 ضحية سنة 2023، وذلك حسب دراسة أعدها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية خلال السنة الماضية مستأنسا ببيانات إحصائية لفروعه بكامل الجمهورية حيث تشير بعض الدراسات إلى ارتفاع ملحوظ في جرائم قتل النساء في تونس خلال السنوات الأخيرة.

ويرجع مختصون هذا الوضع إلى عدة أسباب من أبرزها العنف الأسري والتمييز ضد المرأة التي مازالت المرأة التونسية تعاني منه في العديد من المجالات، مما يؤثر على قدرتها على حماية نفسها من العنف بالإضافة إلى غياب قوانين حماية كافية للنساء من العنف، بما في ذلك جرائم القتل.

وقالت راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية في تصريح سابق لـ«الصحافة اليوم» إن المنظمة ما انفكت تسلط الضوء في كل مناسبة على مختلف الصعوبات والعراقيل التي تطال المرأة وتحاول ايصال مشاغلها لأصحاب القرار حتى يتغير واقع المرأة بصفة ملموسة وطالبت بتطبيق القوانين على أرض الواقع وتغيير العقليات وهو ما يتطلب حسب قولها مخططا حقيقيا ينبع من مشاغل النساء ويهدف الى تحسين وضعهن.

ولفتت رئيسة الاتحاد إلى أن معظم أسباب جرائم القتل ضد النساء على أيدي أزواجهن تتمثل في غالب الحالات في الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي تعيشه الأسر منذ سنوات وخلفت تداعيات خطيرة ساهمت بشكل مباشر في تفكك الأسرة وارتفاع منسوب العنف الزوجي وكثرة جرائم القتل التي ذهبت ضحيتها الزوجة أو الأم أو الأخت أو الابنة مشيرة إلى أن هذا أيضا سببه طغيان الفكر الذكوري في مجتمعنا وهو ما اعتبرته مؤشرا خطيرا على تراجع كبير في مستوى العقليات في تونس، رغم كل الحملات التي تنظم من أجل الدفع نحو احترام حقوق النساء.

لا شك أن هذه الظاهرة أصبحت تثير مخاوف كبيرة حول سلامة المرأة وهو ما دفع بالعديد من المنظمات الحقوقية الى المطالبة بتشديد القوانين التي تحمي النساء من العنف للحد من ارتفاع منسوب جرائم القتل التي باتت مشكلة خطيرة تتطلب اهتماما عاجلا من قبل الحكومة والمجتمع المدني مع ضرورة العمل الفوري على جميع المستويات لمعالجة هذه المشكلة، بما في ذلك تشديد القوانين وتعزيز ثقافة احترام المرأة وتوفير الدعم اللازم للضحايا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد انتشار انفلونزا الطيور في أوروبا والجزائر : تصاعد المخاوف في تونس واليقظة ضرورية

تعالت الأصوات المنادية بضرورة اليقظة التامة والجدية من قبل السلطات في تونس بعد انتشار إنفل…