2024-10-20

غدا قيس سعيّد يؤدّي اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة : انتظارات كبرى من خِطاب القسم

طوت بلادنا رسميا صفحة الانتخابات الرئاسية التي دارت يوم 6 أكتوبر 2024 وسلّم الجميع بالنتائج التي تم نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وإقرار فوز رئيس الجمهورية قيس سعيد بولاية ثانية من الدور الأول في غياب طعون أمام القضاء وأصبح كل شيء جاهزا داخل الغرفتين أي داخل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم لاستقبال الرئيس في جلسة ممتازة يؤدي فيها القَسَم مطلع الأسبوع ويلقي خلالها خطابا للشعب ويجوز اعتباره خطابا للداخل والخارج.

وقد أكد رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة لوسائل الإعلام الوطنية أن جلسة أداء اليمين ستكون مبدئيا يوم الاثنين الموافق لـ21 أكتوبر 2024على الساعة الحادية عشرة صباحا.

هذا وينص الفصل الثاني والتسعون من الدستور الجديد للعام 2022 على أن رئيس الجمهوريّة المنتخب يؤدّي أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم اليمين التالية:

«أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامته وأن أحترم دستور البلاد وتشريعها وأن أرعى مصالح الوطن رعاية كاملة».

إذا تعذّر أداء هذه اليمين أمام مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، لأي سبب من الأسباب، فإن رئيس الجمهوريّة يؤديها أمام أعضاء المحكمة الدستورية.

ورغم أن «مشروع الرئيس» وأفكاره وتصريحاته معلومة وطريقة إدارته لفريقه في الوظيفة التنفيذية أصبحت أكثر وضوحا ومباشراتية وتحميلا للمسؤولية خصوصا خلال الفترة الماضية مع تكليف الفريق الحكومي الجديد، فإن انتظارات كبرى معلّقة على خطاب القسم الذي يفترض ألا يكون فقط بمثابة إعلان نوايا مأمولة ومعلومة، بل متضمنا لبرنامج عمل للسنوات الخمس القادمة ضمن معادلات الذات والموضوع، بعبارة أخرى يجب أن يكون مغايرا في تقديرنا لخطاب 2019 سواء في الشكل أو في المضمون.

وطبيعي ان يكون خطاب رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد هذه المرة ايضا على درجة كبيرة من البلاغة والحبكة اللغوية، فهذا الأسلوب في الخطابة له صدى ايجابي داخل أسوار البرلمان وخارجه في أوساط جمهور المتابعين سواء من الأنصار أو الخصوم على حد سواء الذين تعوّدوا على صورة معينة لـ«الأستاذ» قيس سعيد منذ ما بعد ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة.

وطبيعي كذلك أن يكون خطابا عاطفيا يستحضر فيه الثورة وشعاراتها وخصال الشعب التونسي وتضحياته ودوره بطبيعة الحال في تحقيق وترجمة إرادة الشعب الذي منحه الشرعية الانتخابية وفوّضه لمواصلة ما أسماها حرب التحرير الوطنية.

قد يقول البعض أن ما تقدم من البديهيات، وهو كذلك، ويبقى الرهان والانتظار للرسالة أو الرسائل القوية التي سيتضمنها الخطاب الجمهوري للجميع كما أسلفنا.

ولنتفق بداية أن انتخابات 6 أكتوبر لم تكن عادية واحتدم فيها التدافع بين السياسي والقانوني وأن جدلا ونقاشا عميقا بشان الشرعية والمشروعية وحصاد الولاية الأولى فرض نفسه في وقت من الأوقات خصوصا وقد غابت المنافسة بين المترشحين الذين كان عددهم محدودا واستثنائيا مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة فكانت نسبة المشاركة في التصويت ضعيفة مقارنة بالماضي.

في هذا السياق بالذات، يرتفع منسوب التشويق لمعرفة «أقوم المسالك» التي سيأخذها رئيس الجمهورية في خطابه خاصة بعد الإشارات القوية التي ظهرت في كلمته التلقائية غداة إعلان النتائج والتي ورد بعضها خلال الحملة الانتخابية على لسان مسؤولي الحملة وعلى رأسهم مديرها نوفل سعيد وكثير من النشطاء في المجالس المحلية والتنسيقيات وحتى عدد من الأحزاب الداعمة.

ان كلمة السر التي وحّدت الجميع في محيط الرئيس قيس سعيّد وحوله هي شعار «البناء والتشييد» وهذان المجالان، مجال البناء ومجال التشييد، يستوجبان جملة من الشروط والاكراهات.

صحيح أن الثوابت يجب أن تبقى بل وتتعزز ولم يعد هناك ما يسمح بالتغاضي عن التجريم والافلات من العقاب فأسباب الثورة ما تزال صامدة ومؤشرات الفساد والإفساد ازدادت قوة بشهادة المؤسسات المعنية برصد هذه الظاهرة.

واقتصاد الريع والاقتصاد الموازي والتهريب والإرهاب واللوبيات و«الدولة العميقة» وغيرها من الآفات التي تنخر الدولة والمجتمع يتوجب علاجها بقبضة من حديد لكن ضمن معادلة دقيقة وحساسة وهي السلم الاجتماعي وتوفير ضمانات العيش الكريم للمواطنين.

وهنا يجدر التذكير بما جاء على لسان مدير الحملة نوفل سعيد من أنّ «التهدئة السياسية مطلب ملحّ ويجب تركيزها وتنفيذها والتوقف عن المناكفات» فـ«تونس لكل التونسيين مهما كانت أفكارهم مختلفة» حسب تعبيره والاختلاف يكون داخل لحظة 25 جويلية فحسب.

هذا في تقديرنا تحدي الداخل أما بالنسبة إلى الخارج، ونحن نستعد للذهاب الى اجتماعات صندوق النقد الدولي واستقبال وفد المفوضية الأوروبية لتقييم مذكرة الشراكة في ملف الهجرة، والحضور في الاجتماع الدوري لدول شمال افريقيا (تونس والجزائر وليبيا) إن قدّر له أن يلتئم، علاوة على موقفنا وثوابتنا بشأن الحق الفلسطيني وما يحدث في فلسطين المحتلة ولبنان وعربدة الكيان الصهيوني وسلوك الدول النافذة في العالم التي لا تدخر جهدا في ابتزازنا ومقايضتنا، جميع هذه المعطيات، بعض الردود الخاصة بها ستكون في خطاب الرئيس.

لكل هذه الاعتبارات نرى أن خطاب القسم هو خطاب تواصل وفي نفس الوقت فرصة للطمأنة والانفتاح ينشده الداخل وينتظره الخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!

تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…