2024-10-19

تأكيدات رئيس الجمهورية مرة أخرى : لا  مساس بمقوّمات السيادة وبالدولة الراعية

إن خيارات الدولة التونسية ثابتة ولا مجال لتغييرها تحت أي دافع أو تأثير خارجي أو ضغط وأبرز مقوماتها هي الحفاظ على مقومات السيادة الكاملة والشاملة والتي لا تقبل النقاش حولها. بالإضافة الى احترام إرادة الشعب التونسي باعتباره مصدر السيادة.

إذا كانت هذه هي الخطوط العريضة الكبرى لتوجهات تونس في اللحظة الراهنة فإن تفاصيلها تقوم على الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة وعدم القبول بأي إملاءات خارجية من شأنها ان تفرض نمطا اقتصاديا أو اجتماعيا على التونسيين.

هذه المسألة المهمة كانت موضوع اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بمحافظ البنك المركزي السيد فتحي زهير النوري وهو الذي سيشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي التي من المنتظر ان تجرى في الايام القريبة القادمة.

إذن كان هذا الاجتماع مناسبة ليذكّر رئيس الجمهورية مرة أخرى  على الخيارات الثابتة التي تنتهجها تونس والتي لا محيد عنها والتي يود ان يتم ابلاغها بشكل مباشر أو ضمني للمانحين الدوليين.

وفي معرض حديثه مع محافظ البنك المركزي تطرق الرئيس قيس سعيد الى بعض المعطيات التي يعتمدها المانحون الدوليون من بينها العناصر المعتمدة في احتساب نسب النمو والتي وصفها بالقول إنها تحتاج الى المراجعة. وذلك وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.

ووجّه رئيس الجمهورية انتقاده الى النظام الاقتصادي العالمي واصفا إياه بكونه غير عادل.

كما أكد ان التجربة أثبتت ليس في تونس فحسب بل في غيرها من البلدان أن احتساب نسب النمو يتم بطريقة غير موضوعية. والدليل ان هناك مجتمعات عرفت توترات قصوى من قبيل الثورات والانتفاضات رغم ان نسب النمو فيها مرتفعة تفوق الستة بالمائة بل تصل أحيانا الى العشرة بالمائة.

والحقيقة أن نسبة النمو ليست في علاقة طردية بالتنمية باعتبار أن غياب العدالة الاجتماعية قد يجعل فئة صغيرة من المجتمع تستفيد من نسب النمو المرتفعة على حساب الغالبية العظمى إذا  غاب الدور التعديلي أو الدور الاجتماعي الراعي للدولة التي يفترض ان تكون حريصة على توفير تنمية عادلة وشاملة حتى يتسنى للجميع الاستفادة من ارتفاع أو تطور نسب النمو الاقتصادي.

وهناك تجارب كثيرة في عديد البلدان تؤكد هذا التحليل. فالمعادلات الحسابية والاعتماد على التحاليل الكمية الصرفة في التطرق لبعض القضايا الاقتصادية يبدو أمرا مجانبا للصواب باعتبارأننا  نحتاج لفهم  بعض الظواهر الاجتماعية وتفكيكها  على غرار الفقر والبطالة والتهميش إلى مقاربات  ومناهج نوعية  تتأسس على ما هو سوسيولوجي وأحيانا انثروبولوجي ولا ينبغي الاقتصار على الأرقام في بعدها التجريدي .

«فالذوات البشرية ليست وحدات حسابية يتم احتسابها بناء على عناصر يضعها من يريد وضعها لتأبيد نظام اقتصادي عالمي غير عادل». كما جاء حرفيا في بلاغ رئاسة الجمهورية.

ومن هنا نستشف ان تونس ماضية في خيار عدم الخضوع لإملاءات المانحين وضغوطهم عبر التصنيفات التي يتم الإعلان عنها من حين الى آخر وهي لا تأبه بكل ما من شأنه أن يؤثر على استقلالية  قرارهاالسياسي والاقتصادي.

ومن خلال ما دار في اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بمحافظ البنك المركزي السيد فتحي زهير النوري توجه بلادنا رسالة مضمونة الوصول الى الداخل والخارج فحواها طمأنة التونسيين من جانب عبر التأكيد على أنها لن تتخلى عن مسألة الدولة الراعية أي عن دورها الاجتماعي عن طريق التفريط في بعض المؤسسات والمنشآت العمومية أو عن طريق رفع الدعم عن المواد الحيوية والأساسية والتخلي عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

ومن جانب آخر رسالة قوية الى الصناديق المانحة ومراكز النفوذ التي تتحكم فيها ان مسألة السيادة الوطنية خط أحمر وبالبنط العريض لا يمكن السماح بتجاوزه أو حتى مجرد المساس به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس داعمة ومتضامنة دوما  مع فلسطين..!

أي سبل لمجابهة الكارثة الإنسانية في  غزة؟ وما هي التدابير اللوجستية الضرورية لإدخال المساع…