2024-10-18

«جوميا» تغادر تونس بحلول نهاية العام الجاري التجارة الإلكترونية في تونس : مردودية اقتصادية دون المأمول وإطار تشريعي غير محيـّن

أعلنت منصة التجارة الإلكترونية «جوميا» انها ستوقف نشاطها في تونس بنهاية العام الجاري، وذلك لتركيز جهودها على الأسواق الأخرى مثل مصر وكينيا والمغرب ونيجيريا، مشيرًة إلى أن نجاح الشركة في أي من هذه الأسواق «سيمكنها بسهولة من تعويض الحجم المفقود من تونس وجنوب أفريقيا».

وعن سبب إغلاق أبوابها، قالت إدارة هذه الشركة: «لم تتماش مسارات هذا البلد مع إستراتيجية المجموعة»، وفي ذلك إشارة الى التحديات الاقتصادية المعقدة والمنافسة القوية، بالإضافة إلى ضعف إمكانات النمو والربحية على المدى المتوسط.

وفي حقيقة الأمر لا تعد شركة «جوميا» المؤسسة الناشطة في قطاع التجارة الالكترونية الوحيدة المتضررة من تداخل القوانين المكبلة لهذا النشاط وعدم هيكلته اقتصاديا. الأمر الذي جعل من الوثوق في الناشطين في هذا القطاع أمرا «صعبا» لاسيما مع انتشار ظاهرة الغش والتحيل على مواقع البيع الالكتروني والتي ساهمت بشكل كبير في تشويه صورة التجارة الالكترونية وزيادة مخاوف التونسيين من كل البضائع التي يتم عرضها على مواقع الكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي.

واقتصاديا، يعد قطاع التجارة الالكترونية من القطاعات الواعدة والتي شهدت نقلة نوعية تزامنا مع جائحة كورونا التي اجبرت التونسيين على البقاء في المنازل والتبضع وقضاء مصالحهم عبر الخدمات الالكترونية. الأمر الذي حسّن مؤشرات هذا القطاع وزاد من مردوديته الاقتصادية والتي تبقى دون المأمول.

وحسب بعض الإحصائيات، قام التونسيون على سبيل المثال سنة 2021 بإجراء حوالي 10 آلاف معاملة الكترونية (مسجلة زيادة بنسبة 54% مقارنة بسنة 2020) منها 15 بالمائة معاملات تجارية الكترونية بينما مثلت البقية عمليات دفع على الخط وبلغ عدد مواقع الواب التجارية المنخرطة في منظومات الدفع الإلكتروني 1436 موقع واب تجاري وخدماتي .

وبلغت القيمة الجملية للمعاملات الإلكترونية للتونسيين خلال سنة 2021 أكثر من 576 مليون دينار مقابل قيمة معاملات سنة 2020 بحوالي 347 مليون دينار مسجلة زيادة بنسبة 66 بالمائة.

أما بالنسبة للمواقع التجارية والتجارة الالكترونية، أشارت بيانات البنك المركزي إلى تطور عددها لتبلغ 1670 موقع نهاية شهر جوان 2022، مقابل 1200 موقع في 30 جوان 2021، مسجلة زيادة بنسبة 39٪ من حيث القيمة، وتمثل المدفوعات الإلكترونية حجم 5.8 مليون عملية بقيمة تقدر بـ 390.9 مليون دينار في النصف الأول مقابل 4.2 مليون عملية بقيمة 242 مليون دينار في نفس الفترة من عام 2021 أي بزيادة قدرها 38بالمائة و62بالمائة.

وخلال السداسية الأولى لسنة 2023 أكدت بيانات البنك المركزي وجود 1100 موقع تجاري يستعمل آليات الدفع الإلكتروني في تونس وحوالي 7.5 مليون معاملة تجارية وبلغ حجم معاملات حوالي 540 مليون دينار .

ومقارنة بمؤشرات القطاع على الساحة العالمية، حيث تجاوزت أرباح التجارة الالكترونية ملايين الدولارات وتجاوز حجم التجارة الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة أكثر من 2.2 تريليون دولار خلال النصف الأول من سنة 2024 مع توقعات أن تتجاوز المبيعات المحمولة 3.4 تريليونات دولار سنة 2027 ، يمكن القول ان مردودية هذا القطاع لا تزال «ضعيفة».

وقد فسرت دراسة أعدها مؤتمر الأمم المتحدّة للتجارة والتنمية بالشراكة مع وزارة التجارة وتنمية الصادرات ومختلف المؤسّسات ذات العلاقة بهذا القطاع، إلى أنّ الإطار التشريعي والقانوني الخاص بالتجارة الإلكترونية غير محيّن ولم يواكب التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا إضافة الى وجود صعوبات متعلقة بالوصول إلى آليات التمويل خصوصا وأنّ التمويل البنكي.

وكشفت هذه الدراسة أيضا وجود العديد من الإشكاليات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية تتلخص أساسا في ضعف البنية التحتية للاتصالات والدفع الإلكتروني وخدمات التوصيل وتكوين الطلبة في الجامعات والنفاذ الى تمويل مشاريع التجارة الإلكترونية.

كما يرى أهل الاختصاص، انه لا يمكن الحديث عن تجارة الكترونية في تونس طالما لا يمكن اليوم النفاذ إلى منظومات الدفع الالكتروني الدولية مثل PayPal ومواقع التجارة العالمية.

ولجعل قطاع التجارة الالكترونية أكثر نجاعة في تونس يطالب الخبراء بضرورة سن قوانين جديدة أكثر ملاءمة لتطورات هذا القطاع وتنظيمه من اجل إدماجه في السوق الاقتصادية .

هذا ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة الاندماج في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي عبر إرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها وتشجيعها على الاستثمار في بنيتها الرقمية وأيضا العمل على تسهيل المعاملات الالكترونية الخارجية للشركات الناشطة في هذا القطاع حتى تتمكن من تحقيق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في توفير العملة الصعبة لخزينة الدولة وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

حجم إنتاج يناهز 8,3 مليون طن بحلول عام 2050 : التوجه نحو الهيدروجين الأخضر لتعديل الميزان الطاقي في تونس

شهد قطاع استكشاف وإنتاج المحروقات في تونس تحديات كبيرة على مدى السنوات الأخيرة، الأمر الذي…