2024-10-16

حجم إنتاج يناهز 8,3 مليون طن بحلول عام 2050 : التوجه نحو الهيدروجين الأخضر لتعديل الميزان الطاقي في تونس

شهد قطاع استكشاف وإنتاج المحروقات في تونس تحديات كبيرة على مدى السنوات الأخيرة، الأمر الذي أضر كثيرا بمردوديته الاقتصادية. ويعد كل من التذبذب في أسعار النفط العالمية، وتأثيرات جائحة كوفيد- 19، والحرب الروسية الأوكرانية، اضافة الى التحركات الاجتماعية والانخفاض الطبيعي للإنتاج في معظم الحقول دون أن ننسى محدودية الإطار القانوني المنظم للقطاع من ابرز هذه التحديات التي مست بالأساس الانتاج الوطني الذي يشهد تراجعا ملحوظا.

فوفق معطيات المرصد الوطني التونسي للطاقة، تراجع الإنتاج التونسي من النفط الخام بنسبة 13% خلال شهر أوت الماضي وبلغ الإنتاج نحو 0.94 مليون طن من مكافئ نفط في هذه الفترة. هذا وشهدت تونس تراجعًا ملحوظًا في إنتاج النفط والكهرباء وأيضا إنتاج سوائل الغاز (بما في ذلك إنتاج معمل قابس) بنسبة 8% ليصل إلى 96 ألف طن مكافئ نفط.

وبالتوازي مع انخفاض الإنتاج الوطني، تراجعت قيمة الاتاوة من الغاز الجزائري، حتى موفى أوت 2024، بنسبة 15 بالمائة، لتبلغ 2٫6 ملايين طن مكافئ نفط. وفي ظل محدودية مردودية هذا القطاع من جهة وارتفاع الطلب الجملي على الطاقة الأولية (الذي بلغ 6,2 مليون طن مكافئ نفط، إلى موفى شهر أوت 2024)، شهد الطلب على المواد البترولية ارتفاعا بـ 2 بالمائة، في حين تراجع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 2 بالمائة. الأمر الذي اجبر الجهات المعنية على الترفيع في كميات المواد الموردة.

ونظرا للارتفاع السريع لنسق الواردات مقارنة بنسق الصادرات (ارتفعت صادرات تونس من الطاقة بنسبة 3 بالمائة مقابل ارتفاع في الواردات بنسبة 21 بالمائة) ارتفع عجز ميزان الطاقة لتونس بنسبة 14 بالمائة ليصل الى مستوى 6ر3 ملايين طن مكافئ نفط، كما ارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس بنسبة 28 بالمائة، ليبلغ 7753 مليون دينار.

التوجه نحو الطاقات المتجددة

في ظل استمرار أزمة القطاع الطاقي الذي بات يكلف تونس موارد مالية هامة تستنزف خزينة الدولة وصندوق الدعم معا، تم وضع استراتيجية لانتاج الطاقات المتجددة بحكم ما تمتاز به تونس من إطار ملائم للاستثمار في هذا القطاع الواعد سواء الطاقة الشمسية أو الهيدروجين أو غيرها من الطاقات البديلة.

وفي هذا الشأن، عمدت تونس إلى توسيع المشاريع الخاصة بالطاقة الشمسية لتعزيز أمنها الطاقي وتقليص كلفة توريد الكهرباء حيث وقّعت تونس، منذ مدة (18 سبتمبر الفارط) اتفاقيتين لإنشاء محطتي طاقة الشمسية بكل من ولايتي سيدي بوزيد والقيروان.

ومن المتوقع أن يوفر مشروع القيروان 100 ميغاواط، أما الطاقة الإنتاجية لمحطتي الطاقة الشمسية في سيدي بوزيد وتورز فتبلغ 50 ميغاواط لكل منهما.

ولان تونس تستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة في المزيج الوطني للكهرباء إلى 35% بحلول عام 2030 بهدف تخفبض عجز ميزان الطاقة الأولية، عمدت إلى تنويع المشاريع الخاصة بالطاقات المتجددة.

وفي ذات السياق، تسعى تونس إلى تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر واقتحام مجال إنتاج هذا القطاع بصفته الوقود المستقبلي عالميًا بهدف الحصول على حصة من سوقه العالمية المتنامية باستمرار. وقد تم مؤخرا توقيع عدد من الاتفاقيات لإنتاج الهيدروجين في البلاد.

وبموجب هذه الاتفاقيات التي تتضمنت عقودا مع 9 شركات أوروبية، ستعمل تونس على إنتاج 8.3 مليون طن من الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بحلول عام 2050، منها 2.3 مليون طن موجهة إلى السوق المحلية، و6 ملايين طن موجهة إلى التصدير.

يذكر انه رغم أهمية قطاع الطاقات المتجددة في تعزيز الإنتاج الوطني والحد من العجز الطاقي، مازالت تونس تعرف تحديات عديدة تعترض تنفيذ استراتيجيتها الجديدة لاسيما القوانين التنظيمية التي تتعلق بسياسات الطاقة وعدم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة اللازمة لإقامة المشاريع الكبرى. الامر الذي يتطلب العمل أكثر على إصلاح نظام الطاقة برمته، وتشجيع الاستثمارات في الطاقات المتجددة بصفتها أولوية في أجندة الحكومة التونسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

ليبيا والجزائر من أهم حرفائها : 3500 مليون دينار عائدات تونس من السياحة الطبية في 2023

استقطبت بلاذنا خلال السنة المنقضية، مليونيْ مريض أجنبي وقرابة 500 ألف مريض أجنبي مقيم في ت…