بسبب ارتفاع أسعاره إلى مستويات عالية: تجار المصوغ يستغيثون والتونسيون يتخلّون عن عادات شراء الذهب
يدخل اقتناء الذهب والمصوغ في تونس ضمن العادات والتقاليد المتفق عليها عبر مختلف الأزمان والعصور خاصة بالنسبة إلى النساء، ولكونه أيضا قيمة ثابتة لا يمحوها الزمن، ويتم اللجوء إليها في أحلك الفترات والأزمات للعائلات، ولكن خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في العقد الأخير، أصبح الإقبال على هذا المعدن الثمين والبراق في تونس فاترا وضعيفا بسبب تزايد أسعاره، مما جعله منتوجا ليس في متناول حتى الطبقات الوسطى.
وقد سجلت أسعار الذهب في تونس ارتفاعا مطردا أرجعه رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ حاتم بن يوسف في تصريحه لـ«الصحافة اليوم» إلى غلاء الأسعار في السوق العالمية والتي بلغت 84.77 دولارا للغرام الواحد بعد أن كان في حدود 70 دولارا قبل ثلاثة أشهر.
وأضاف حاتم بن يوسف بأن ارتفاع أسعار الذهب في تونس يعود أيضا إلى أسباب عدة أبرزها التدني الكبير لسعر صرف الدينار التونسي إزاء الدولار (عملة شراء الذهب) في السنوات الأخيرة بمعدل ثلاث مرات، من معدل 1.6 دينار إلى 2.9 دينار حاليا، وارتفاع أسعار المواد الأولية التي يتم بموجبها تصنيع الذهب علاوة أيضا على تنامي كلفة الحرفيين الذين يطالبون بالترفيع في سعر تصنيع الغرام الواحد من الذهب نظرا لاهتراء مقدرتهم الشرائية.
وقال بن يوسف إنّ سعر غرام الذهب في تونس اليوم يتراوح بين 250 دينار بالنسبة لعيار 18 ويصل و 300 دينار للنوعية الأفضل وبالنسبة إلى أسعار الذهب المستعمل (التكسير) فتتراوح بين 190 و195 دينار للغرام الواحد بحسب النوعية والجودة.
وأوضح رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ أن هذه الأسعار المرتفعة تعكس الوضعية الصعبة التي يشهدها قطاع المجوهرات والذهب في تونس، وأنها أضحت مستعصية على عموم التونسيين، لا سيما المقبلين على الزواج، مما يجعل الوضعية صعبة على المواطنين والمهنيين والتجار على حد سواء.
وأقر بعزوف المواطنين على اقتناء الذهب والمصوغ في البلاد بشكل لافت ومحير ويعتبرون أنه حتى خلال المواسم التي كان الإقبال فيها على اقتناء المصوغ كبيرا لم يعد الحال كالسابق حيث بمجرد جولة داخل سوق البركة أو عدد من المصاغات ستلاحظ غياب الاكتظاظ الكبير الذي كنا نشاهده في آخر أيام شهر رمضان مع اقتراب موسم ليلة 27 وعيد الفطر أين تهدي العائلات زوجات المستقبل الذهب في كل مناسبة وهي من العادات الضاربة في القدم والتي تعكس مخيلة شعبية لسنوات مضت، إلا أن هذه العادات أصبحت من الماضي ولا تهم الغالبية الساحقة من التونسيين وانحصرت بفئة محدودة قادرة على تحمل غلاء هذا المعدن الثمين الذي أصبحت أسعاره تفوق بكثير المقدرة الشرائية للمواطن التونسي الذي تخلى تدريجيا خلال السنوات الأخيرة عن الكثير من عاداته وتقاليده بسبب عدم قدرته على مجاراة نسق ارتفاع الأسعار الجارف.
وأوضح محدثنا أن عديد التجار على أبواب الإفلاس، في ظلّ عدم الإقبال على شراء الذهب بسبب غلاء المعيشة وتراجع قدرتهم الشرائية ودفعت هذه الوضعية بمهنيي قطاع الذهب إلى الحديث عن أزمة في القطاع تهدده بالانهيار واعتبروا أن من أبرز الحلول العاجلة والمحورية لإنقاذ القطاع هي إيجاد حل لتدهور الدينار التونسي من خلال العودة للعمل وتنمية التصدير، بالإضافة إلى مطالبة المهنيين بضرورة تنقيح القوانين المنظمة لقطاع الذهب وتحرير القطاع عبر نزع الاحتكار عن البنك المركزي التونسي والسماح للمهنيين المرخص لهم باقتناء الذهب إلى جانب إيجاد حل جذري لموضوع الذهب غير الحامل للطابع الرسمي الذي يتم بيعه بأبخس الأثمان.
ويأمل بن يوسف أن ينظر مجلس النواب في القانون الذي يكبل القطاع منذ سنوات حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه من القطاع وفق تعبيره.
وبموجب قانون 2005 يحتكر البنك المركزي التونسي توريد الذهب، وتبدي السلطات التونسية على الرغم من عمليات التصعيد التي يقودها المهنيون تمسكاً كبيراً بالمحافظة على مراقبة تجارة المصوغ، ويرى مسؤول في البنك المركزي أن تحرير القطاع سيفتح الباب على مصراعيه أمام الغش والاتجار غير القانوني بهذه المادة النفيسة، وهو ما يدفع الحكومة للتمسك بقوانين ضبط هذه السوق.
رئيس الغرفة الوطنية لتجار الدواجن واللحوم البيضاء ابراهيم النفزاوي لـ«الصحافة اليوم» : أزمة اللحوم البيضاء في اتجاهها للإنفراج
تعرف الأسواق التونسية خلال الآونة الأخيرة اضطرابا في التزوّد باللحوم البيضاء أرجعها رئيس ا…