حتى لا تتصحّر سواحلنا ويصيبها الجدب: الثروة السمكية توشك على النفاد والآفات تتوالد وتتنوع
بعد انقضاء فترة قصيرة على التنابيه التي أصدرتها الجهات المعنية بالسواحل والصيد البحري، والتي دعت فيها الصيادين الى إتلاف نوع من السمك المسموم يدعى بالسمكة الذهبية، التي تشكل خطرا على آكليها وعلى الحيوانات البحرية الأخرى، وتقضي تدريجيا على كثير من الحياة البحرية التي تتضاءل بطبيعتها في شواطئنا منذ زمن.
فالسواحل التونسية وبالخصوص الخلجان التي كانت ثرية بالاسماك، عرفت على مرّ العصور استنزافا لا مثيل له في كل بحار العالم، من الصيد بالكركارة الذي يتلف القيعان العميقة ويجردها من كل مكونات الحياة البحرية، الى الصيد بالديناميت الذي يساهم في القضاء على الاسماك والأحياء البحرية بلا شفقة ولا تمييز، مرورا بصيد الاسماك في موسم وضعها للبيوض وغير ذلك من صنوف الاستغلال المتوحش للثروة السمكية، مضافا اليها طبعا التلوث وتأثيراته على كثير من خلجان الصيد وأهمها خليج قابس بلا شك.
ولم يعد ينكر أحد اليوم ان بحارنا قد تراجع مردودها الى أدنى مستوياته، وتحولت بلادنا البحرية الى بلد تفتقر اسواقه للسمك، كسائر البلاد القارية او الدول الصحراوية، وفرغت الاسواق من الاسماك الفخمة التي كانت تزينها، والكميات الكبيرة التي كانت تملأها، والتهبت اسعار السمك الى حدود فاقت حتى الخيال، وباتت اكلة سمك في بلد الالف وثلاث مائة ميل من الشواطئ، شيئا يشبه الحلم الصعب المنال.
هذه الافات التي مرت على سواحلنا كأنها لا تكفي، اذ شهدت سواحل مدنين في الايام الاخيرة نوعا جديدا من الافات تمثل في نفوق يرقات واسماك على طول قرابة الثلاثة كيلمترات من شواطئ ولاية مدنين، دون مبرر ولا تفسير ولا شيء صحي واضح.
المعاينات الاولية لفريق من الخبراء الذين زاروا المنطقة المعنية، تحدثوا عن زضعف للاكسيجين في الماء، الذي من شانه ان يتسبب في حالة النفوق، وهو بدوره ناتج عن ركود المياه ببحيرة بوغرارة وعدم وجود تيارات مائية كافية لتجديد المياه مع ارتفاع درجة الحرارة، ما يؤدي الى تكاثر طحالب سامة تمتص الاكسيجان في الماء على حساب اليرقات التي لم تعد تجد الاكسيجين الكافي في الماء فتختنق، واشار الى ان عملية رصد اليرقات الميتة والتى كانت افواهها مفتوحة، بينت حالة الاختناقس. حسب ما جاء في التقارير الاعلامية التي بثت الخبر، لكن كل ذلك يبقى استنتاجات أولية قد لا تكون هي وحدها المتسببة في هذه الكارثة البحرية الجديدة.
رئيس المجمع الجهوي المشترك لمنتوجات الصيد البحري قال ايضا في تصريحات اعلامية انه تمّ زرصد حالة نفوق لاسماك من كل الاحجام والكثير من اليرقات ببحيرة بوغرارة على كامل سواحل شبه بحيرة قلالة من المسلخ الى حدود تربيلا خلال زيارة معاينة اداها يوم السبت المنقضي، واشار الى انها ظاهرة متواترة وحصلت في جانفي 2021، حيث تم تسجيل نفوق العديد من الاسماك ورصد اكثر من 430 الف وحدة في اللتر الواحد من الطحالب السامة كارينيا زKARENIAس. مضيفا ان زهذه الظاهرة تاتي في فصل الصيف او اثر هطول الامطار والقاء ترسبات الاودية بالبحر، مما يؤدي الى تكاثر طحالب سامة تتسبب في نقص حاد للاكسيجين في البحر ينجر عنه نفوق الاسماك واليرقات، ومع ارتفاع درجات الحرارة يتعمق نقص الاكسيجين ولاسيما بمنطقة قلالة التي تفتقر الى تيارات بحرية قادرة على تجديد المياه وتحسن الاكسيجين بالماءس.
وبغضّ النظر عن الاسباب والمسببات التي قد تكون وراء هذه الظاهرة وضرورة معالجتها جذريا، فان الاهم من كل ذلك هو وضع استراتيجية وطنية لحماية البحر، وتنمية الثروة السمكية، وتنويع المصادر وتكثيف الاحياء البحرية، والكف مؤقتا عن صنوف معينة من الصيد الجائر التي لم تكسب منها البلاد الا مزيدا من استثراء اباطرة السمك وموزعي اسواق الجملة، وان يكن على حساب مستقبل البلاد والعباد.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …