أن تدعو الى العصيان المدني في بلدك  وأن تحرّض على  الفوضى هنا وأنت ترفل في نعيم الهدوء وتتفيأ ظلال الاستقرار هناك  هو فعل مشين وقميء مهما زيّنته لنفسك ووجدت له المبررات  والأسباب.

وان تنتصب معولا هدّاما لتقويض الاستقرار في بلدك بدعوى انك شجاع   وانت تحتمي بمظلة بلد اجنبي وفي ظل أنظمة لا تستطيع ان تفتح فاك فيها إلا لدى طبيب الأسنان فأنت قطعا مرتزق مهما ادعيت الشرف والنبل.

وان ترفع لواء المعارضة تحت سماء أخرى وتدفع بكباش فداء من اجل ادعاء الزعامة وتورّم الأنا فأنت لست سوى نمر من ورق سيلفظك التاريخ كما لفظتك جغرافيا البلد.

وأن تتصيّد الأخطاء لأبناء جلدك من فنانين واعلاميين ومشاهير في كل المجالات وتمعن في التشهير بهم وتتلذذ بتشويه سمعة البلد خدمة لأولياء نعمتك فأنت لست سوى بوق دعاية لمن يدفع أكثر.

وأن تتابع كل تفاصيل ما يحدث في بلدك وتقوم بتضخيمه وتبيعه للأنظمة التي تشتغل في بلادها خدمة لأجندات معلومة فأنت لست سوى خادم ذليل لمشغّليك الذين تلعق احذيتهم وتسبّح بآيات الحمد لهم .

هذه الكلمات وان بدت قاسية بعض الشيء لابد منها ونحن في لحظة مكاشفة وبلادنا تمر من مرحلة إلى أخرى. وهذه المصارحة تقتضي ان نسمّي الأشياء بأسمائها.

والأكيد هنا أن المعارضة والموالاة وجهان من وجوه الديمقراطية ولا يخلو نظام من وجودهما معا فهما وجهان لعملة واحدة  ومن الطبيعي ان يكون دور المعارضين هو نقد من في السلطة ولكن ذلك يكون تحت سماء الوطن وفي الأطر الطبيعية لذلك  وضمن السياقات القانونية والضوابط الأخلاقية والمهنية المعلومة للجميع . أما أن ينبري شخص مهما كانت قيمته وعلا صيته سواء كان سياسيا  أو إعلاميا ليصب جام حقده ونقمته على تونس محاولا التنكيل بصورتها وتوجيه الشتائم الى أبنائها وهو لا يعيش ظروفهم ولا معاناتهم ولا يعرف شيئا عن احلامهم وانتظاراتهم فهذا أمر غير مقبول وهي حيل لم تعد تنطلي على الشعب التونسي.

أما  اختيار سكن الأبراج العاجية واعتلاء  المنابر الإعلامية هنا وهناك صباحا مساء ويوم الأحد  والاطلالة علينا من شرفات اجنبية  وبصلف وتعال  على المواطنين ونعتهم بأسوإ النعوت لأن لهم إرادة تخالف رغبتك وليس هذا فقط فمحاولة  تحريض بعضهم على تقويض استقرار بلادهم فهذا يسمى حرفيا عمالة وبمنتهى الوضوح.

نقول هذا ردّا على ما حدث وما يزال متواصلا من قبل بعض الأطراف إزاء تونس وشعبها سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى في بعض المنابر الإعلامية ومهما يكن من أمر فإن التونسيين  ضاقوا ذرعا رغم ظروفهم الصعبة بكل الذين يناضلون من وراء الحدود فالأصوات التي تتعالى من هنا وهناك وفي اكثر من بلد واكثر من قارة لم تعد تلقى رجع صدى لا لدى النخب التونسية ولا عموم التونسيين الذين هم  واعون تماما بأن البوصلة هي تونس أولا وأخيرا.

فمن شاء ان ينقد الأوضاع القائمة فما عليه سوى الإقامة بيننا وان يعيش تفاصيل معيش اليومي وان يكسب قوته من مورد رزق يمارسه هنا تحت سماء هذا البلاد حتى يتحمل الأعباء والتضحيات مع الجميع. أما تقديم الدروس فهو أمر لا يحتاجه التونسيون ولم يطلبوه من أحد.

وإذا كان هناك تفهم – في لحظة ما في زمن الحكم التسلّطي لبن علي-  من قبل بعض النخب ممارسة المعارضة من خارج الحدود واللجوء الى بعض المنابر الإعلامية الأجنبية للتعبير عن الرأي فإنها مرحلة وطويت الى غير رجعة. فإعلامنا اليوم مفتوح أمام الجميع كما ان مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت الفرص لكل من يريد التعبير والآفاق مفتوحة لممارسة الفعل السياسي وبالتالي يصبح اللجوء الى الخارج استقواء بالأجنبي بأبسط عبارة.

ومن الحتمي ان ينتبه التونسيون اليوم وربما أكثر من أي وقت مضى الى مخاطر الانجرار وراء دعاة الفوضى والتحريض فوضعنا الاقتصادي بالغ الهشاشة اما الوضع الإقليمي فهو خطير جدا ومنطقتنا مشتعلة والعالم بأسره يعيش حالة من الخوف والترقب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة الأدمغة: أي حلول لمجابهة هذا النزيف؟

منذ ما يزيد عن العقدين برزت الظاهرة بشكل ملحّ وأصبحت أكثر حدّة في السنوات الأخيرة بعد ان ت…