الآن  وقد منح الشعب التونسي تفويضا غير مسبوق للرئيس قيس سعيد لعهدة رئاسية أخرى فإن تونس قطعا مقبلة على مرحلة جديدة وقد قطعت نهائيا مع فترة الانتقال السياسي بكل تشظّيها وارتباكها وهنّاتها. وعلى هذا الأساس فإنه من المهم القول إن الانتخابات تمت في أجواء طبيعية وأن نتائجها أقرّ بها الجميع وعلينا إذن ان نمضي قدما نحو مرحلة البناء والتشييد.

وهنا يهمنا ان نتوجه الى سيادة رئيس الجمهورية الذي اثبتت نتائج الانتخابات بما لا يدع مجالا للشك  ان له شعبية لا تضاهى وأنه خارج أي  منافسة  وان التونسيين يثقون فيه دون غيره بالقول إن المرحلة المقبلة تحتاج الى العمل وبذل الجهد وسيكون من المفيد ان نرفع جميعا شعار «حيّا على العمل» معوّلين على قدراتنا الذاتية فالأولويات  الآن اقتصادية صرفة. ومن هذا المنطلق لعله من المفيد مراجعة طرق التعامل مع رجال الاعمال في تونس فهناك توجس كبير من قبل بعضهم وهم يحتاجون الى رسائل طمأنة من قبل رئيس الجمهورية تجعلهم يدخلون غمار الاستثمار بكل حماس فلا ننسى ان رأس المال دائما ما يتردد ويخشى المغامرة في السياقات التي يكتنفها بعض الغموض. وبالتالي من المهم التعامل بقدر من المرونة معهم خاصة مع عدم الجدوى التي اظهرها مسار الصلح الجزائي وهذا أمر ينبغي ان نعترف به وقد كان رئيس الجمهورية صريحا بشأنه في أكثر من مرة. كما ان المجموعة الوطنية لن تستفيد شيئا من سجن بعض رجال الأعمال او فرارهم من  البلاد  بل على العكس قد يؤثر هذا  سلبا ويؤدي الى انكماش بعض المؤسسات الكبرى وتراجع قدراتها التشغيلية وهو ما يزيد طوابير العاطلين عن العمل. ويسيء كذلك الى صورة تونس ويجعل المستثمرين الأجانب لا يفكرون في القدوم اليها وهم أيضا يحتاجون الى خطاب طمأنة من لدن رئيس الجمهورية مع بداية عهدته الجديدة.

وعلى قدر الثقة الكبيرة التي منحها الشعب التونسي لرئيسه على قدر كبر المسؤولية وجسامتها وقطعا يحتاج التونسيون جميعا الى رسائل طمأنة  متعددة الأبعاد  فكل فئة و كل شريحة وفق حاجياتها وانتظاراتها. 

ولاشك ان الطبقات الفقيرة والمتوسطة تنتظر  تحسّنا في أوضاعها الاقتصادية و تراجعا للتضخم خاصة بعد التدهور الكبير للمقدرة الشرائية والمعاناة اليومية التي يتكبدها المواطن من أجل تأمين حاجياته الأساسية. وهذا ما يقود الى ضرورة  اضطلاع الدولة بدور اجتماعي أكبر وهذا من التحديات التي أطلقها رئيس الجمهورية منذ فترة ولا شك أنه ماض في تحقيقها.

أما النخب الثقافية والسياسية والإعلامية فهي تحتاج طمأنة من نوع آخر وهي بعض الضمانات من اجل الحفاظ على مناخ الحرية وعدم التراجع عن المكتسبات التي تحققت بفضل الثورة التونسية. ولا ضير هنا ان تتم بعض المراجعات الضرورية. 

اما بالنسبة الى الإعلام بالتحديد فهو يحتاج الى إصلاحات جذرية من المهم ان تكون الدولة أحد أضلاعها والشريك الفاعل فيها الى جانب هياكل المهنة حتى يكون مرآة صادقة تعكس واقع التونسيين  وتعبر عن آمالهم و آلامهم.

فالمشهد الإعلامي التونسي في حاجة ماسّة الى تدشين مرحلة جديدة تتم فيها مراجعات عميقة بشأن وضعية المؤسسات الإعلامية كلها سواء كانت عمومية او مصادرة او خاصة وتمحيص مصادر التمويل والمداخيل وقضايا الإشهار والبحث في العلائق القائمة بين السياسي والإعلامي والمالي وهذه إحدى معضلات مرحلة ما بعد الثورة.

والحقيقة ان بلادنا محتاجة الآن الى أكبر قدر من الهدوء ودرء  الانقسام والصراعات  والبحث عن أرضية مشتركة  من التفاهم بين كل التونسيين والالتفاف حول تونس باعتبارها بوصلة الجميع  من اجل تدشين مرحلة البناء وتحقيق كل الأحلام المؤجّلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

اتّساقا مع ثوابت  السياسة الخارجية التونسية : تضامن مطلق مع الأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين..

تونس ثابتة على مبادئ سياستها الخارجية وموقفها راسخ من التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية تم…