2024-10-09

في اختلال العلاقة بين التلميذ والعائلة والمؤسسات التربوية : المراجعة والإصلاح من الضروريات..!

لا أصعب على المرء أن يتقبل خبر «مفاده تلميذة حامل من أستاذها».. خبر ناسف لكل القيم والمعايير الأخلاقية.. خبر وان كان من الاستثناءات التي لا يجب تعميمها تتوقف عنده عجلة الزمن للحظات لاستيعاب الصدمة ومحاولة إنزالها على ارض الواقع بأي شكل من الأشكال …

فلقد تشوّهت تلك الصورة المثلى للمربي وتهاوت إلى القاع.. هي ردة فعل حتمية وتحليل في لمحة بصر للخبر تحت وطأة الصدمة ولكن إنزاله على ارض الواقع يصحبه التريّث والتحليل المنطقي فالشّاذ يحفظ ولا يقاس عليه … خبر يشي بحجم الخلل والاختلال الذي طال علاقة التلميذ بالعائلة نواة التنشئة الأولى والمربي بدرجة أخرى…

ومهما يكن من أمر فان هكذا سلوكيات ممن قيل عنه « كاد أن يكون رسولا» تزعزع كل الثوابت وتحرّكها وتدفع لطرح سيل من الأسئلة التي تتوالد وتتناسل للبحث عن التفاصيل على جميع الأوجه ومن كل النواحي.

الحادثة.. تمثلت في خبر مفاده تلميذة الـ16 حامل بعد 3 سنوات من الاعتداءات الجنسية والمتهم  أستاذ… رافقتها موجة من الاستغراب من عدم تفطن عائلة التلميذة إلى الحمل على الرغم من تقدمه (6 أشهر كاملة)، أو عدم انتباهها لحالتها النفسية طيلة الـ3 سنوات التي تعرضت خلالها لاعتداءات جنسية.

يقول في هذا السياق رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني احتفلنا نهاية الأسبوع الماضي باليوم العالمي للمعلم ورددنا جميعا بيت احمد شوقي «قف للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم ان يكون رسولا» وهو اعتبار مستوجب منا لكل المعلمين والأساتذة الذين فتحوا لنا ولأبنائنا وبناتنا باب الحياة الفعلية من خلال تربيتنا وتعليمنا. وتفاجأنا في الوقت ذاته بحادثة أستاذ كان يمارس الجنس مع تلميذته منذ 3 سنوات وحملت منه وهي في الشهر السادس وكان يقدم لها حبوب الإجهاض وهو الآن محل بطاقة إيداع بالسجن.

ويؤكد الزهروني نريد في داخلنا ان تكون هذه الحادثة من ضمن الاستثناءات التي تؤكد ابعاد ومعاني كلمات احمد شوقي. ونحن على بينة انها ليست فريدة أو نادرة من نوعها فالعائلات التونسية دائما ما تبحث على معالجتها في السر تفاديا للفضيحة وللقيل وللقال. اعترضتنا سنوات مضت حالات لمربين اعتدوا جنسيا على تلاميذهم وتفاعل الاعلام والمجتمع بدرجة كبيرة معها وطرح فرضية ادراج مادة التربية الجنسية ضمن برامج التعليم بجدية ورمي مع مرور الزمن بالموضوع في سلة النسيان.

ومن وجهة نظره يرى محدثنا انه من الضروري البحث عن الحلول انطلاقا من المسافة المطلوبة والزاوية التي تسمح بالتعمق فيها بمسؤولية ونجاعة بعيدا كل البعد عن العاطفية والتعميم الاعمى. فالأولياء والتلاميذ والمربون والمدرسة وصانعو المحتويات الثقافية يتحملون كلهم جزءا من المسؤولية في مثل هذه الكوارث. الام أولا وجب عليها ان تكون العين التي تسهر على تربية بناتها على السلوك الحسن خاصة في لباسها وحديثها وفي تنقلها وفي علاقاتها. فهي مطالبة بفتح قنوات الحوار من دون طابوهات مع بناتها بالحديث في كل المواضيع وهو امر طبيعي ومتابعتها المتواصلة لكل التغييرات ولو كانت بسيطة الحاصلة في سلوكها وإعطائها ما هو مطلوب من  النصائح و تقوم في نفس الوقت بدور المراقبة وهذا واجبها ودور المربية بحكم تجربتها ودور الوقاية وهي خير من العلاج.

والبنت عادة ما تكون في سن المراهقة وهي اليوم عرضة لسلوكيات ذكورية غير بريئة ولثقافات مائعة ولإغراءات مختلفة وعليها بالتالي تفادي ان تكون فريسة للمتربصين ولأصحاب النوايا السيئة من رفاقها في المدرسة ومن أصدقاء من غير المدرسة ومن الشواذ من مدرسيها.

ويقول محدثنا في السياق نفسه «المعلم وليس من دوري ان أؤكد على ما يجب عليه القيام به مع تلاميذه وعلى شناعة مثل هذه الحالات عندما تحدث وان كانت استثنائية فانعكاسها السلبي يتجاوز شخصه ليشمل كل الإطار التربوي تقريبا. لست انا لأذكره بقدسية رسالته وبأخلاقية مهنته فهو الاب الذي يأتمنه الأولياء والمجتمع والدولة على مستقبل أبنائنا وبناتنا من خلال تأمين حاجياتهم المعرفية وضمان سلامتهم المعنوية والبدنية. ربما سنّ البعض منهم وواقعهم الاجتماعي وتجربتهم في الحياة وسلوك بعض التلاميذ يضعفهم في بعض الحالات لكنهم مطالبون بعدم اجتياز الخط الأحمر في كل الحالات».

ويضيف ان المدرسة -يقصد الدولة-يجب ان تضع حدا لانهيارها فالفئة المستهدفة بالسلوكيات الخطيرة وغير الأخلاقية هي عموما فئة المراهقين والمراهقات والذين فقدوا كل الامل في النجاح ويرون أنفسهم من خارج المجتمع ومن ضمن الفاشلين والفاشلات. فئة عادة ما تشعر بالتهميش والإحباط والعجز وتتوجه الى اتباع مسارات غير سليمة واستفزازية وعنيفة تجاه أنفسهم وحتى أوليائهم وتجاه الآخرين. وعلى المسؤولين ان يفكروا جيدا في ادراج مادة التربية الجنسية ضمن برامج التعليم.

ويختم محدثنا بالاشارة إلى المضامين الحالية خاصة منها التي يتم ترويجها في بعض القنوات التلفزية الخاصة وهي مادة سيئة ويرى انه من الضروري العمل على مراجعتها لوضع حد للخطير فيها والذي يعتبره يحمل الكثير من الإيحاءات لمثل هذه السلوكيات غير السليمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

نحو الانتقال بهيكلة المجامع التنمويّة النسائيّة إلى شركات أهليّة : شروط الـــتــأســـيـــس و مـــراحـــله..

يعرف عدد المجامع التنمويّة النسائيّة  ارتفاعا من سنة إلى أخرى وهو ما يعكس حجم الإقبال لمخت…