2024-10-09

بين تراجع الخدمات البلدية وتذمّر المواطنين : نظافة البلاد .. مسؤولية مشتركة..!

بعد مرور ما يقارب السنة ونصف عن حل 350 مجلس بلدي منتخب وتعويضها بنيابات خصوصية، والإعلان عن تنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة مجلس الجهات والأقاليم مازال العمل البلدي والخدمات التي تسديها البلديات محل انتقادات كبيرة من المواطنين.

حيث لا يخفى على أحد أن البلاد بكل مدنها الكبرى والصغرى، وقراها وبعض مناطقها التي خصّصت للمصبات قد غرقت في أتون الأوساخ ولم تعد قادرة على الخلاص من تراكماتها التي فاقت كل التقديرات خاصة في ظل التقاعس عن العمل الذي يمارسه العمال البلديّون وفي غياب مراقبة لصيقة لهم، وتراجع الإمكانيات البلدية للسيطرة على أكداس الفضلات المنزلية والتسيّب الحاصل اجتماعيا في التخلص من الفضلات.

وعلى الرغم من هذا الواقع الخطير الذي بات يخنق كل الأحياء السكنية مازال الاهتمام بنظافة المحيط منسيا ولم يدرج بعد بالشكل المطلوب في جداول أعمال الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ ثورة 2011، ولم تعره لا الأحزاب السياسية ولا مكونات المجتمع المدني اهتماما يذكر حيث غرقت جهات بأكملها في الفضلات  وبدأت مظاهر الأمراض الخطيرة تتفشى في عديد الجهات وغابت كل مظاهر المراقبة التي كانت تقوم بها البلديات ودوائرها، وتواصل  تكدس الفضلات في كل مكان.

ويعتبر أغلب المواطنين أن جودة الخدمات البلدية قد تراجعت خلال السنوات الأخيرة بداية من تكدس الفضلات أين ما ذهبوا مرورا بطول ساعات الانتظار لاستخراج وإتمام الوثائق داخل البلدية وصولا إلى تواتر المشاكل التقنية وغياب المراقبة ليحرم المواطن من حقه في بيئة سليمة ومحيط نظيف.

وينص الفصل 45 من الدستور التونسي على أن الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة أيضا توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي. فلا كرامة لمواطن في وطن مازالت النظافة فيه تطرح إشكالا حقيقيا ومازالت النفايات تمثل تهديدا للبيئة ولصحة المواطن. ولعل من الرهانات المطروحة على الحكومة اليوم ومن الملفات الثقيلة التي عليها وضعها على طاولة الأولويات ملف النظافة لان سلامة المناخ البيئي تمكن من جلب المستثمرين وإنعاش الاقتصاد الذي يعدّ بحاجة أكيدة لكل المجهودات للنهوض به زائد الانتعاشة السياحية التي تمر عبر هذه البوابة بالإضافة الى العديد من العناصر الأخرى على غرار النقل بمختلف تصنيفاته….

وضع كارثي تطرق له الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة حيث لم يخف امتعاضه مرارا من أداء البلديات ولم يتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى المنتخبين المحليين في تعطيل حلحلة أزمة النفايات خاصة في صفاقس. ليقوم لاحقا بحذف وزارة الشؤون المحلية من حكومة نجلاء بودن وإلحاق ملف الجماعات المحلية بوزارة الداخلية.

وبالتالي بات من الضروري للتخلص من هذا الإشكال الخطير على كل الأطراف المتداخلة على غرار وزارات التجهيز والبيئة والفلاحة والداخلية والبلديات ودوائرها وديوان التطهير أن تتظافر جهودها للقيام بحملة النظافة السنويّة المعهودة خاصة بعد أن داهمنا فصل الخريف الذي يليه شتاء يتطلب حملة نظافة واسعة لتفادي خطر الفيضانات.

إن هذا الواقع الخطير الذي تردّت فيه البلاد يتطلب مجهودا جماعيا تشارك فيه كل الأطراف الاجتماعية والسياسية وفي مقدّمتها الدولة، كما لا بد أن يمثل نشاطا اجتماعيا تطوعيا لكل سكان المدن والأحياء يرفع فيه شعار وطني للنظافة تتكرس فيه كافة الجهود من أجل رفع تحد من هذا القبيل والقيام بيوم نظافة يشارك فيه جميع المواطنين.

لا شك ان نظافة البيئة والمحافظة عليها تمثل جزءا من صورة تونس الحديثة في الداخل والخارج وهي مسؤولية مشتركة من جميع الأطراف ولابد من العمل على تثمين النفايات وتمكين البلديات من إيجاد حلول ودعمها بالإمكانيات المادية واللوجستية ،كما انه من الضروري ان تتخذ الجهات الرسمية الاجراءات اللازمة من اجل تحسين عملية الرفع وإصلاح المنظومة من جذورها ولعل ذلك لن يكون إلا بجعل هذا الملف من أولويات الحكومة الحالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بمشاركة قرابة 100 مهني وإطار من مختلف الهياكل : يوم إعلامي حول التكوين الإشهادي التخصصي في مجال محاسبة الكربون

في إطار تطوير الآفاق التشغيلية لخريجي المنظومة الوطنية للتكوين المهني عبر إرساء برامج التك…