2024-10-09

السوق الحرة بين تونس والجزائر وليبيا : خطوة ضرورية لمكافحة التجارة الموازية على الحدود وتحقيق التكامل الاقتصادي

طرح مشروع إحداث سوق حرة جزائرية تونسية عدة مرات ومنذ فترة طويلة  ولم تخل تقريبا أي اجتماعات ثنائية أو ملتقيات رفيعة المستوى من إعراب كلا البلدين  عن رغبتهما في تجسيد هذه المبادرة ذات البعدين الاقتصادي والاجتماعي بل انها تجاوزتها إلى إبرام اتفاقيات في الغرض منها الاتفاقية التي وقعها رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني  خلال زيارة رسمية إلى الشقيقة الجزائر من سنة تقريبا ,إلا أنها بقيت حبرا على ورق ولم تنجح إلى حد اليوم في  المرور إلى مرحلة التنفيذ لعدة أسباب وعوامل منها الداخلي ومنها الخارجي . ويبدو أن هذه المبادرة القيمة عادت لتطرح من جديد عبر  تصريح للرئيس الجزائري «عبد المجيد تبون» أول أمس في اللقاء الأسبوعي الذي انتظم مع وسائل الاعلام المحلية، أكده من خلاله ان بلاده ستقيم في وقت قريب منطقة تجارة حرة مع النيجر ثم مع تونس وليبيا، وذلك لوضع حل ناجع يتصدى للمضاربة في السلع، مشيرا الى نجاح هذه المنطقة الحرة مع الجارة موريتانيا .وفي الواقع اتخاذ مثل الخطوة في هذه المرحلة سيعود بالنفع على تونس على أكثر من صعيد فمن الناحية الاقتصادية سوف يغذي إحداث السوق الحرة بين تونس والجزائر مناخ الاستثمار  إلى جانب إضفاء حركية إقتصادية وتجارية هامة بين البلدين عبر السعي إلى زيادة حجم التبادل التجاري وتشجيع الحركة التجارية  بالمناطق الحدودية ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على تنشيط التجارة وإنشاء القواعد اللوجيستية من تخزين ونقل وخدمات مرافقة إلى جانب البعد الاجتماعي الذي سيساهم في امتصاص جزء من معضلة  البطالة بالجهات الحدودية التي في أغلبها جهات فقيرة .

وتعتبر إقامة سوق حرة بين تونس والجزائر من الأهداف الاستراتيجية الهامة التي تعمل على تحقيقها الدولة التونسية نظرا لأهميتها الاقتصادية وحتى الاجتماعية للبلاد  والتي من شأنها أن تكون وسيلة عملية للحد ولمقاومة التجارة الموازية والتهريب اللذين يمثلان تقريبا نصف عمليات التبادل على الحدود وهو ما سيساهم بدوره في توفير عائدات هامة لخزينة الدولة باعتبار أن ذلك سيحد من ظاهرة التهرب الجبائي إلى جانب المنفعة المتبادلة لكلا البلدين على المستوى الاقتصادي والتجاري هذا بالإضافة إلى توفير السوق الحرة  لمواطن شغل و مصادر رزق مباشرة وغير مباشرة لمتساكني المناطق الحدودية وهو ما يعكس أيضا  البعد التنموي والاقتصادي، لهذا المشروع الهام ذلك أن  الحركة الاقتصادية والتنموية  التي ستطال هذه المناطق ستساهم في تثبيت المتساكنين في جهاتهم  وكذلك تحسين مستوى معيشتهم ومستوى المرافق وبالنسبة للبعد الأمني الذي يعتبر من الأهمية بمكان  فسيساهم إحداث هذه السوق في توفير رقابة أكبر على الحدود وبالتالي التقليص من عمليات التهريب وتضييق الخناق على المهربين وشبكات الجريمة.

يبقى السؤال المطروح هل سيتم فعلا هذه المرة التعامل جديا مع هذا المشروع وتجسيده على أرض الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أهم اجراءات  مشروع قانون المالية لسنة 2025 : تعزيز الدور الاجتماعي للدولة ودعم الفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا

بعد أن تم إيداع مشروع قانون المالية لسنة 2025 لدى مجلس نواب الشعب أول أمس وفق الآجال المحد…