في الذكرى الأولى لملحمة طوفان الأقصى «7 أكتوبر..»: نصف الطريق إلى.. القدس عاصمة فلسطين
بكثير من الألم والحزن لفقدان آلاف الأشقاء، لكن أيضا بكثير من الاعتزاز والثقة والتفاؤل نحيي الذكرى الأولى لملحمة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر 2023.
ولئن كان تاريخ الصراع العربي الصهيوني زاخرا بالملاحم وكذلك بالنكسات والهزائم، فإن ملحمة طوفان الأقصى لم تكرّس الثوابت فقط لكنها خلقت أمرا واقعا لا يمكن تجاهله ولسنا نغالي حين نقول اننا اليوم في منتصف طريق النصر، طريق القدس عاصمة فلسطين.
ان ما بعد 7 اكتوبر 2023 ليس كما قبله، صحيح أن الكلفة باهظة وأنه ليس من اليسير تقبّل حصيلة فيها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين والأسرى ومن الدمار الشامل الذي لحق بالبنية التحتية المهترئة أصلا قبل الملحمة، لكن قدر الشعوب التواقة الى التحرر والانعتاق أن تقدّم التضحيات وأن تستوعب الصدمات والخيانات وخصوص تلك التي يقترفها ذوو القربى.
لقد انطلقت ملحمة طوفان الأقصى على أرض فلسطين التاريخية انطلاقا من قطاع غزة بمبادرة من حركة المقاومة الاسلامية حماس التي ضربت في العمق أسطورة الكيان الذي لا يُهزم والجيش الذي لا يُقهر وتمكنت في ساعات قليلة من تصفية عدد من الصهاينة وأسر عدد آخر والظفر بغنائم مهمّة من العتاد بعد تدمير الكثير من أسلحة العدو.
وفي اليوم الموالي دخلت فصائل المقاومة الفلسطينية على خط المواجهة وانضمت اليهم المقاومة اللبنانية بقياده حزب الله الذي ما يزال فاتحا جبهة الاسناد من جنوب العزه في لبنان مثله مثل المقاومة في اليمن والعراق اما في مشارق الارض ومغاربها فقد تجسدت مقولة لا صوت يعلو فوق صوت فلسطين، فأصبحت كل الساحات والشوارع وحتى الفضاءات الثقافية والرياضية منابر للمطالبة بوقف العدوان وإدانة الكيان الصهيوني والانتصار للحق الانساني للشعب الفلسطيني.
وللأسف خسرت المقاومة الفلسطينية واللبنانية عددا كبيرا من رموزها وزعمائها وكانت عملية استهداف اسماعيل هنية وحسن نصر الله بوجه خاص ضربة موجعة ومؤثرة في المعنويات لكن الأيام والليالي والميدان كما قال الشهيد نصر الله بينت ان قدرات المقاومة وجاهزيتها ما تزال مهمّة خصوصا عندما نأخذ بين الاعتبار ان الامر يتعلق بحرب شاملة مفتوحه بين حركة مقاومة شعبية والقوة العظمى الاولى في العالم وهي الادارة الامريكية التي تموّل وتسلّح وتحمي الكيان الصهيوني.
ومن هذا المنطلق بالأساس ثمّة جملة من الاستنتاجات التي تبرهن على أننا بالفعل في الطريق الى تحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وأحرار العالم ولو مرحليا وبكلفة باهظة.
أول الحقائق والاستنتجات هو أننا اليوم أمام توازن لم يحصل عبر التاريخ، والكيان الصهيوني ومن ورائه الادارة الامريكية ليس طليق الأيادي في جرائمه التي لا تمر دون ردّ، بل اكثر من ذلك تميزت العمليات العسكرية للمقاومة الفلسطينية واللبنانية وحتى جبهات الاسناد في اليمن والعراق بكثير من الالتزام بالاخلاق وبقواعد الحرب وقانونها الانساني فكل أهداف المقاومة عسكرية بامتياز بخلاف الكيان الذي يصر على استهداف المدنيين على مدار الساعة وبأبشع الاسلحة فتكا في ظل صمت وتواطئ عربي وغربي معهود.
ثانيا، لقد عمّقت ملحمة طوفان الأقصى أزمة الكيان الصهيوني وعرّت قبحه القيمي وفاقمت صعوباته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس أدل على ذلك من التظاهرات التي كانت تحاصر «المؤسسات الرسمية» وحتى سكن رئيس الحكومة النازية نتنياهو الذي عرف كيف يدير اللعبة مع الادارة الامريكية باستغلال اجواء الانتخابات وابتزاز الجمهوريين والديمقراطيين فيها.
ثالثا، ان 7 اكتوبر 2023 سيكون محددا في 5 نوفمبر 2024 تاريخ اجراء الانتخابات الامريكية مثلما كان مؤثرا بشكل كبير في الانتخابات التشريعية الفرنسية وفي دول كثيرة اخرى برز فيها التصويت العقابي للمترشحين المساندين للكيان الصهيوني مقابل حرص هؤلاء على إسداء الخدمات وإظهار الولاء والطاعة لهذا الكيان وللصهيونية العالمية.
رابعا، لقد اعتبرنا ان دعم ملحمة طوفان الاقصى يكون بالتمسك بالمقاومة وتوسيع دائرتها حتى لا تكون مقتصرة على المقاومة المسلحة، فالحرب الآن تدار في الاعلام وفي الفضاء الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي وتدار ايضا في أسواق التجارة العالمية وفي الاقتصاد والسياسة وفي المنظمات الاقليمية على غرار جامعة الدول العربية «المغيّبة» والدولية واهمها بطبيعة الحال منظمة الامم المتحدة وأجهزتها ووكالاتها المتخصصة مثل مجلس الأمن واليونيسيف والصحة العالمية واليونسكو التي سجلنا تقصيرا كبيرا منها..
ويظل الانجاز الأبرز المنبثق عمّا يمكن ان نسميه المقاومة أو الصراع القانوني والقضائي، ما حصل في محكمة العدل الدولية بفضل دولة جنوب افريقيا التي اشتكت الكيان الصهيوني وتمكنت من فرض ادانته بارتكاب جرائم الابادة ونفس الامر أمام محكمة الجنايات الدولية حيث حصل تقدم كبير في اثبات جرم العدو وادانته.
خامسا، وهذا أمر مهم، لقد أعاد طوفان الاقصى فلسطين الى الواجهة وبيّن بالفعل انه لا أمن ولا سلم في المنطقة والعالم دون تمكين الفلسطينيين من حقهم في اقامة دولتهم وتقرير مصيرهم كسائر الشعوب والامم، ورغم جسامة ما يحصل في أوكرانيا بفعل الحرب العبثية بين الحلف الاطلسي وروسيا، ورغم مشكلات البيئة والتنمية والشح المائي والفقر والعنف وغيره لا حديث اليوم في العالم سوى عن فلسطين وعما يقترفه الكيان الصهيوني من انتهاك لأبسط حقوق الانسان.
أخيرا وليس آخرا، وخلافا لرغبة العدو وداعميه وتجاوزا لما تسبب فيه من فرقة بين الاشقاء والإخوة، أعادت ملحمة طوفان الاقصى تحدّي الوحدة الوطنية كمبدإ وخيار لا بديل عنه بين الفلسطينيين، ولعل ما يثلج الصدر في هذه الايام الصعبة العودة الى الاجتماعات بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة واستمرار الاتصالات بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية وجبهات الإسناد.
هي لحظة فرز دشّناها بتاريخ 7 اكتوبر 2023 ونقلتها ووثّقتها بالصورة والصوت وسائل الاعلام التي دفع جنودها حياتهم من اجلها، وللتذكير فقط، فقد استشهد اكثر من 150 صحفي منذ ذلك التاريخ، وهي المرة الأولى تقريبا التي يعجز فيها العدو عن طمس الحقيقة أو حجبها رغم استهدافه المباشر للصحافيين والمصورين في الميادين.
الانتخابات الأمريكية، تعنينا.. ولا تعنينا !
يتطلّع العالم باهتمام كبير لتاريخ الخامس من نوفمبر 2024 لمعرفة الرئيس القادم للولايات المت…