2024-10-06

المعهد‭ ‬التونسي‭ ‬للمنافسة‭ ‬والدراسات‭ ‬الكمية‭:‬ الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأكثر‭ ‬تنوعـًا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا

أظهرت‭ ‬دراسة‭ ‬أعدها‭ ‬مؤخرا‭ ‬المعهد‭ ‬التونسي‭ ‬للمنافسة‭ ‬والدراسات‭ ‬الكمية‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأكثر‭ ‬تنوعًا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأكدت‭ ‬نتائجها‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬السوق‭ ‬الإفريقية‭ ‬لتونس‭ ‬باعتبارها‭ ‬توفر‭ ‬فرصًا‭ ‬كبيرة‭ ‬لزيادة‭ ‬صادراتها‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭.‬

هذا‭ ‬وأوضحت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬ان‭ ‬الإمكانات‭ ‬غير‭ ‬المستغلة‭ ‬لتونس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬60%،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬1,15‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وأنه‭ ‬بالإمكان‭ ‬ان‭ ‬تتطور‭ ‬أكثر‭ ‬إذا‭ ‬انفتحت‭ ‬اقتصاديا‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القارية‭ ‬الإفريقية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬لتشبيك‭ ‬المصالح‭ ‬وتوطيد‭ ‬الروابط‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬لاسيما‭ ‬الصعيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭  ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬إنشاء‭ ‬سوق‭ ‬أفريقية‭ ‬موحدة‭ ‬وتجعل‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭.‬

وأوصت‭ ‬مخرجات‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬بضرورة‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬الملامح‭ ‬للاندماج‭ ‬والتكامل‭ ‬وحسن‭ ‬التموقع‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬بهدف‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المزايا‭ ‬التنافسية‭ ‬واستغلال‭ ‬الفرص‭ ‬المهدورة‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬خاصة‭ ‬وتونس‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬انضمت‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القارية‭ ‬الإفريقية‭.‬

المرصد‭ ‬التونسي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬أكد‭ ‬هو‭ ‬الاخر‭ ,‬في‭ ‬احدى‭ ‬نشرياته‭, ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تمتين‭ ‬وتعميق‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬الوطنية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القارية‭ ‬الإفريقية‭ ‬لأنها‭ ‬ستطور‭ ‬من‭ ‬نسق‭ ‬صادرات‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬مثل‭ ‬الملابس‭ ‬الجاهزة‭ ‬والأحذية‭ ‬والمنتجات‭ ‬الكهربائية‭ ‬والكيميائية‭ ‬والمعدنية‭ ‬موضحا‭ ‬ان‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬الإفريقية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شانه‭ ‬ان‭ ‬ينهض‭ ‬بقطاع‭ ‬الصادرات‭ . ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثبتته‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المؤكدة‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تونس‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تزيد‭ ‬صادراتها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬نحو‭ ‬هذه‭ ‬السوق‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1.2‭ ‬مليار‭ ‬مستهلك‭.‬

ولئن‭ ‬بدت‭ ‬تونس‭ ‬واعية‭ ‬بهذه‭ ‬الضرورة‭ (‬التوجه‭ ‬الى‭ ‬السوق‭ ‬الإفريقية‭) ‬وعملت‭ ‬مؤخرا‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬دبلوماسيتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬اغلب‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬الأرقام‭ ‬تكشف‭ ‬ضعف‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭-‬الافريقي‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمة‭ ‬المبادلات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وبلدان‭ ‬افريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭  ‬650‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬وقدرت‭ ‬قيمة‭ ‬الصادرات‭ ‬التونسية‭ ‬نحو‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬بحوالي‭ ‬420‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬استحوذت‭ ‬الصناعات‭ ‬الكهربائية‭ ‬والميكانيكية‭ ‬والزراعية‭ ‬والغذائية‭ ‬والصناعات‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭ ‬بالمائة‭ ‬منها‭. ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعكس‭ ‬بطء‭ ‬مسار‭ ‬الانفتاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬الافرقية‭ ‬وعدم‭ ‬بذل‭ ‬جهودا‭ ‬اكبر‭ ‬لكسر‭ ‬القيود‭ ‬والقوانين‭ ‬المعرقلة‭ ‬لنمو‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭.‬

ووفق‭ ‬أهل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬يعد‭ ‬غياب‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ( ‬الجمركية‭) ‬أهم‭ ‬القيود‭ ‬المعطلة‭ ‬لهذا‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭, ‬وحتى‭ ‬ان‭ ‬وجدت‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬اتفاقية‭ ‬السوق‭ ‬المشتركة‭ ‬لشرق‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭ (‬كوميسا‭) ‬التي‭ ‬انضمت‭ ‬إليها‭ ‬تونس‭ ‬سنة‭ ‬2018‭ ‬وبدء‭ ‬تفعيل‭ ‬انضمامها‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬القارية‭ ‬الأفريقية‭ (‬زيليكاف‭) ‬سنة‭ ‬2023‭, ‬فإن‭ ‬تفعيلها‭ ‬يشكو‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬نقص‭ ‬الربط‭ ‬الجوي‭ ‬والبحري‭ ‬وغياب‭ ‬فروع‭ ‬لبنوكها‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬وخاصة‭ ‬ضعف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬اللوجستية‭ ‬غير‭ ‬الكافية‭ ‬لتسهيل‭ ‬حركة‭ ‬البضائع‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬النقل‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬التجارة‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬معضلة‭ ‬البيروقراطية‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬أغلبية‭ ‬الإدارات‭ ‬الإفريقية‭ .‬

من‭ ‬القيود‭ ‬أيضا‭ ‬لنمو‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭ ‬الافريقي‭ ‬يتحدث‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬عن‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬السفارات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬والبالغة‭ ‬عددها‭ ‬12‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬تضم‭ ‬54‭ ‬دولة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أعاق‭ ‬نشاط‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬و‭ ‬كبل‭ ‬المعاملات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬استثمار‭ ‬وتصدير‭…‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الخارطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ , ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ان‭ ‬تعمل‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬قطعت‭ ‬خطوات‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬التجمعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإفريقية‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تضع‭ ‬ضمن‭ ‬خططها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الانفتاح‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬إفريقيا‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاندماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الإقليمي‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اكتساب‭ ‬فرص‭ ‬أكثر‭ ‬لتنويع‭ ‬اقتصادها‭ ‬وتطويره‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

«جوميا» تغادر تونس بحلول نهاية العام الجاري التجارة الإلكترونية في تونس : مردودية اقتصادية دون المأمول وإطار تشريعي غير محيـّن

أعلنت منصة التجارة الإلكترونية «جوميا» انها ستوقف نشاطها في تونس بنهاية العام الجاري، وذلك…