ترويج المخدرات بالأوساط التربوية : قلق داخل الأسر والحل الأمني لوحده لا يكفي
يثير انتشار ترويج المخدرات في محيط المؤسسات التربوية قلقا كبيرا داخل الأسر التونسية التي باتت تخشى على أبنائها من الوقوع في شباك عصابات الترويج التي تسعى جاهدة مع مفتتح كل موسم دراسي الى تتبع ضحاياها من اليافعين بقصد التغرير بهم والتكسب من ورائهم.
ورغم المجهودات المبذولة من السلطات الأمنية لتعقب هؤلاء المجرمين الا ان الظاهرة مازالت تستفحل بشكل مهول بمختلف جهات البلاد الى حد أصبح يوجد فيه إجماع على أن الحدّ من استهلاك المخدرات في محيط المعاهد الثانوية بات يتجاوز جانبه الأمني ليشمل معالجة العلاقة بين المربي والتلميذ والاهتمام بدور المتخصصين الاجتماعيين والنفسيين، فضلا عن ضرورة استرجاع العائلة لدورها التقليدي في التربية السليمة.
ففي إطار الجهود المتواصلةلمكافحة المخدرات وحماية المجتمع والحد من ظاهرة استهلاك المخدرات المتفشية بالأوساط التربوية، تمكنت الوحدات التابعة لمنطقة الحرس الوطني بصفاقس خلال اليومين الماضيين من تفكيك شبكة متخصصة في ترويج المخدرات، واستقطاب الفتيات القصر لاستهلاك المواد المخدرة كانت تنشط أمام المؤسسات التربوية واكدت ادارة الحرس الوطني على موقعها الرسمي أن هذه العملية تأتي في سياق استراتيجية متكاملة تهدف إلى الحد من ظاهرة ترويج المخدرات التي تستهدف الفئات الشابة، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة. هذا ودعت الإدارة العامة للحرس الوطني كافة المواطنين إلى التعاون مع الوحدات الأمنية والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه، وذلك في إطار دعم المجهودات الوطنية لمكافحة الجريمة وتعزيز الأمن والاستقرار.
وتضاعف استهلاك التلاميذ التونسيين للمخدرات خمس مرات خلال العقد الأخير، من 2013 إلى 2023، أي من 1.3 في المائة عام 2013 إلى 8.9 في المائة سنة 2023، وذلك وفق مسح وطني قام به المعهد الوطني للصحة بتونس و اكد مختصون في علم الاجتماع في العديد من اللقاءات بأن مسألة الإدمان وتعاطي المواد المخدرة، ترتبط بعاملين أساسيين؛ أولهما الهشاشة النفسية للطفل أو المراهق الذي يبحث عن حب التجربة والمخاطرة، والثاني هو تراجع دور المؤسسة التربوية وهشاشة الأسرة اللذين يكونان دافعا للمراهقين نحو الهروب من الواقع مؤكدين وجود عوامل خارجية عديدة على غرار غياب الأنشطة الرياضية والثقافية والإبداعية التي أصبحت مفقودة تماما في حياتهم اليومية واهتماماته فضلا عن غياب متخصصين اجتماعيين ونفسيين في المؤسسات التربوية. و هو ما جعل المواد المخدّرة سهلة الحصول عند المراهقين لذلك يؤكد الخبراء في المجال بان الجهود الأمنية لا تكفي لوحدها بل تتطلب تضافر جهود كل الأطراف المعنية من أولياء و مربين ومختصين في علمي الاجتماع و النفس.
وكشفت الدراسات والإحصائيات المنجزة من قبل منظمات المجتمع المدني في بلادنا عن ارتفاع استهلاك المواد المخدرة في صفوف الشباب واليافعين والأطفال في السنوات الأخيرة وخلصت المؤشرات المسجلة ضمن نتائج مسح تعاطي المخدرات في صفوف الأطفال، إلى تضاعف استهلاك التلاميذ التونسيين للمخدرات 5 مرات خلال العشر سنوات الأخيرة. بشكل جعل محيط المدارس والفضاءات الترفيهية يتحول في كثير من الحالات إلى فضاء غير آمن يعج بالمروجين والمنحرفين، و اثبتت في الصدد دراسة قامت بها جمعية «اليافع» وشملت التلاميذ في خمس ولايات في المناطق الجنوبية والشمالية والساحلية ووسط العاصمة أن مخاطر الانحراف إلى تعاطي المخدرات لدى الأطفال في عمر أقل من 18 سنة هي نفسها رغم التنوع الجغرافي والتفاوت التنموي لأن الفضاء الخارجي للمدرسة والطريق منها وإليها يكثر فيه المنحرفون والمنقطعون عن الدراسة وعصابات المروجين.
وكان المعهد الوطني للصحة قد نشر في عام 2023 مؤشرات كشفت أن 16.2 بالمائة من التلاميذ المستجوبين ضمن عينة مسح تعاطي المخدرات يجدون سهولة في الحصول على مادة «الزطلة» (القنب الهندي) لاستهلاكها، في حين تقدر نسبة استهلاك التلاميذ ولو مرة واحدة للأقراص المخدرة بـ8 في المائة.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…